للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٠٤٣) والثاني: أن ناساً كانوا إِذا خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إِذا احتاجوا، فكانوا يَتَّقون أن يأكُلوا منها، ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفُسُهم بذلك طيِّبة، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن المسيب.

والثالث: أن العُرجان والعُميان كانوا يمتنعون عن مؤاكلة الأصحاء، لأن الناس يتقذَّرونهم، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن جبير، والضحاك «١» . والرابع: أن قوماً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانوا إِذا لم يكن عندهم ما يُطعمون المريض والزَّمِن، ذهبوا به إِلى بيوت آبائهم وأمّهاتهم وبعض من سمّى الله عزّ وجلّ في هذه الآية، فكان أهل الزمَّانَة يتحرَّجون من أكل ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكه، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد «٢» . والخامس: أنها نزلت في إِسقاط الجهاد عن أهل الزمَّانَة المذكورين في الآية، قاله الحسن، وابن زيد «٣» .

فعلى القول الأول يكون معنى الآية: ليس عليكم في الأعمى حرج أن تأكلوا معه، ولا في الأعرج، وتكون «على» بمعنى «في» ، ذكره ابن جرير. وكذلك يخرَّج معنى الآية على كل قول بما يليق به. وقد كان جماعة من المفسرين يذهبون إلى أن آخر الكلام «ولا على المريض حرج» وأن ما بعده مستأنَف لا تعلُّق له به، وهو يقوِّي قول الحسن، وابن زيد.

قوله تعالى: أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ فيه ثلاثة أقوال «٤» : أحدها: أنها بيوت الأولاد. والثاني:

البيوت التي يسكنونها وهم فيها عيال غيرهم، فيكون الخطاب لأهل الرجل وولده وخادمه ومَن يشتمل


حسن. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٦٥٣ من طريق مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلا، ومراسيل سعيد جياد. وله شاهد من مرسل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أخرجه الطبري ٢٦٢٢٤. وله شاهد موصول عن عائشة رضي الله عنها، أخرجه البزار ٢٢٤١ «كشف» . وقال الهيثمي في «المجمع» ١١٢٣٨/ ٧: رجاله رجال الصحيح.
- الخلاصة: مرسل سعيد مع مرسل عبيد الله إذا انضم إليهما الموصول رقى بهما إلى درجة الحسن في أقل تقدير، وهذا القول أرجح الأقوال، ومع ذلك باقي الأقوال لا تعارضه، بل تشهد لبعضه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>