للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أنفسهم وأموالهم افتتنوا، قاله مجاهد.

(١٠٨٨) والثالث: نزلت في ناس من المنافقين بمكة، كانوا يؤمنون، فإذا أوذوا أو أصابهم بلاءٌ من المشركين رجعوا إِلى الشِّرك، قاله الضحاك.

(١٠٨٩) والرابع: أنها نزلت في عيَّاش بن أبي ربيعة، كان أسلم، فخاف على نفسه من أهله وقومه، فخرج من مكة هارباً إِلى المدينة، وذلك قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلّم إِلى المدينة، فجزعت أمُّه فقالت لأخويه أبي جهل والحارث ابني هشام- وهما أخواه لأمِّه-: والله لا آوي بيتاً ولا آكل طعاماً ولا أشرب شراباً حتى تأتياني به، فخرجا في طلبه فظفرا به، فلم يزالا به حتى تابعهما وجاءا به إِليها، فقيَّدتْه، وقالت: والله لا أحُلُّك من وَثاقك حتى تكفُر بمحمد، ثم أقبلت تَجْلِده بالسِّياط وتعذِّبه حتى كفر بمحمد عليه السلام جَزَعاً من الضَّرْب، فنزلت فيه هذه الآية، ثم هاجر بَعْدُ وحَسُنَ إِسلامه، هذا قول ابن السائب، ومقاتل. وفي رواية عن مقاتل أنَّهما جَلَداه في الطريق مائتي جلدة، فتبرَّأ من دين محمد، فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ أي: ناله أذى أو عذاب بسبب إِيمانه جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ أي: ما يصيبه من عذابهم في الدنيا كَعَذابِ اللَّهِ في الآخرة وإِنما ينبغي للمؤمن أن يصبر على الأذى في الله تعالى لِمَا يرجو من ثوابه وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ يعني: دولة للمؤمنين لَيَقُولُنَّ يعني المنافقين للمؤمنين إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ على دينكم، فكذَّبهم الله تعالى وقال: أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ من الإِيمان والنفاق. وقد فسرنا الآية التي تلي هذه في أوّل السّورة.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ١٢ الى ١٣]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٢) وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)

قوله تعالى: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا يعنون: ديننا. قال مجاهد: هذا قول كفار قريش لمن آمن من أهل مكة، قالوا لهم: لا نُبعَث نحن ولا أنتم فاتَّبِعونا، فان كان عليكم شيء فهو علينا.

قوله تعالى: وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ قال الزجاج: هو أمر في تأويل الشرط والجزاء، يعني إِن اتَّبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم. وقال الأخفش: كأنّهم أمروا أنفسهم بذلك. وقرأ الحسن: «ولِنَحمل» بكسر اللام. قال ابن قتيبة: الواو زائدة، والمعنى: لنحمل خطاياكم.

قوله تعالى: إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أي: فيما ضمنوا من حمل خطاياهم. قوله تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ أي: أوزار أنفسهم وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ أي: أوزاراً مع أوزارهم، وهي أوزار الذين أضلُّوهم، وهذا كقوله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ «١»


أخرجه الطبري ٢٧٧٠٤ عن الضحاك مرسلا، فهو ضعيف.
عزاه المصنف لمقاتل وهو ساقط الحديث، ومثله ابن السائب، كلاهما ممن يضع الحديث، فالخبر لا شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>