للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعامل فيه «المودَّة» . وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم: «مَوَدَّةَ بَيْنِكُم» بنصب «مَوَدَّةَ» مع الإِضافة، وهذا على الاتساع في جعل الظرف اسماً لِما أُضيف إِليه. قال المفسرون: معنى الكلام: إِنَّما اتَّخذتموها لِتَتَّصِلَ المودَّة بينكم واللِّقاء والاجتماع عندها، وأنتم تعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ أي: يتبرَّأ القادة من الأتباع وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً يلعن الأتباعُ القادةَ لأنَّهم زيَّنوا لهم الكفر.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٢٦ الى ٣٠]

فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٩) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (٣٠)

قوله تعالى: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي: صدَّق بابراهيم وَقالَ يعني إِبراهيم إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي فيه قولان: أحدهما: إِلى رضى ربِّي. والثاني: إِلى حيث أمرني ربِّي، فهاجر من سواد العراق إِلى الشام وهجر قومه المشركين. وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ بعد إِسماعيل وَيَعْقُوبَ من إِسحاق وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وذلك أن الله تعالى لم يبعث نبيّاً بعد إِبراهيم إِلاَّ مِنْ صُلبه وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا فيه أربعة أقوال: أحدها: الذِّكْر الحسن، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: الثناء الحسن والولد الصالح، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: العافية والعمل الحسن والثناء، فلست تَلْقى أحداً من اهل الملَل إِلاَّ يتولاَّه، قاله قتادة. والرابع: أنه أُري مكانَه من الجنة، قاله السدي. قوله تعالى:

وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ قال ابن جرير: له هناك جزاء الصَّالحين غير منقوص من الآخرة بما أُعطي في الدنيا من الأجر. وما بعد هذا قد سبق بيانه «١» إلى قوله تعالى: وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم كانوا يعترضون مَنْ مَرَّ بهم لعملهم الخبيث، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنهم كانوا إِذا جلسوا في مجالسهم يرمون ابن السبيل بالحجارة، فيقطعون سبيل المسافر، قاله مقاتل. والثالث: أنه قطع النسل للعدول عن النساء إِلى الرجال، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال ابن قتيبة: النادي: المجلس، والمُنْكَر يجمع الفواحش من القول والفعل. وللمفسرين في المراد بهذا المُنْكَر أربعة أقوال:

(١٠٩١) أحدها: أنهم كانوا يَحْذِفون أهل الطريق ويسخرون منهم، فذلك المنكر، روته أمّ هانئ


ضعيف جدا، والمتن منكر. أخرجه الترمذي ٣١٩٠ وأحمد ٦/ ٣٤١ و ٤٢٤ والطبري ٢٧٧٤٣ والحاكم ٢/ ٤٠٩ والطبراني ٢٤/ ١٠٠١ وابن أبي الدنيا في «الصمت» ٢٨٢ من طرق من حديث أم هانئ، وقال الترمذي:
هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث حاتم عن سماك. وإسناده ضعيف جدا، سماك بن حرب تغير حفظه بآخره لذا ضعفه غير واحد، وأبو صالح- واسمه باذام، ويقال باذان- ضعفه غير واحد، وتركه آخرون، وهو ضعيف جدا، روى عن ابن عباس تفسيرا موضوعا.
- وأخرجه الواحدي في «الوسيط» ٣/ ٤١٨ من طريق بشر بن معاد بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي ١٦١٧ والطبراني ٢٤/ ١٠٠٢ من طريق قيس بن الربيع عن سماك به.
- وأخرجه الطبري ٢٧٧٤٥ والطبراني ٢٤/ ١٠٠٠ من طريق أبي يونس القشيري عن سماك به.
الخلاصة: الإسناد ضعيف جدا، والمتن منكر، فإن المنكر المراد في الآية أعظم من حذف المارة والسخرية منهم، بل يشمل اللواط وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>