للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتسكينها قال أبو علي: يمكن أن يكون مثل سِدْرَة وسِدَر، فيكون معنى القراءتين واحداً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية: «مِن خَلَلِه» وقد شرحناه في النور «١» . فَإِذا أَصابَ بِهِ أي: بالوَدْق ومعنى يَسْتَبْشِرُونَ يفرحون بالمطر، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ المطر مِنْ قَبْلِهِ وفي هذا التكرير ثلاثة أقوال: أحدها: أنه للتأكيد، كقوله تعالى:

فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ «٢» ، قاله الأخفش في آخرين. والثاني: أن «قَبْل» الأولى للتنزيل، والثانية للمطر، قاله قطرب. قال ابن الأنباري: والمعنى: مِنْ قَبْل نزول المطر، من قبل المطر، وهذا مثل ما يقول القائل: آتيك من قبل أن تتكلم، من قبل ان تطمئن في مجلسك، فلا تُنكَر الإِعادة، لاختلاف الشيئين. والثالث: أن الهاء في قوله تعالى: «مِنْ قبْله» ترجع إِلى الهُدى وإِن لم يتقدّم له ذكر، فيكون المعنى: كانوا يقنطون من قبل نزول المطر، من قبل الهُدى، فلمَّا جاء الهُّدى والإِسلام زال القُنوط، ذكره ابن الأنباري عن أبي عمر الدريدي وأبي جعفر بن قادم. والمبلسون: الآيسون وقد سبق الكلام في هذا «٣» . فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ قرأ أبن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم:

«إِلى أَثَر» . وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «إلى آثار» على الجمع. والمراد بالرّحمة ها هنا: المطر، وأثرها: النّبت والمنبت والمعنى: انظر إِلى حسن تأثيره في الأرض كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ أي: كيف يجعلها تُنبت بعد أن لم يكن فيها نبت. وقرأ عثمان بن عفان، وأبو رجاء، وأبو عمران الجوني، وسليمان التيمي، «كيف تُحْيِي» بتاء مرفوعة مكسورة الياء «الأرضَ» بفتح الضاد.

قوله تعالى: وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً أي: ريحاً باردة مُضِرَّة، والريح إِذا أتت على لفظ الواحد أُريدَ بها العذاب، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول عند هبوب الريح:

(١١٠١) «اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» .

فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا يعني النبت، والهاء عائدة إِلى الأثر. قال الزجاج: المعنى: فرأَوُا النبت قد اصفرّ وجفَّ لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ومعناه: لَيَظَلُّنّ، لأن معنى الكلام الشرط والجزاء، فهم يستبشرون بالغيث، ويكفرون إِذا انقطع عنهم الغيث وجفَّ النبت. وقال غيره: المراد برحمة الله: المطر.

و «ظلُّوا» بمعنى صاروا «من بعده» أي: من بعد اصفرار النبت يجحدون ما سلف من النِّعمة. وما بعد هذا مفسَّر في سورة النمل «٤» إِلى قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ وقد ذكرنا الكلام فيه في الأنفال «٥» ، قال المفسرون: المعنى: خلقكم من ماءٍ ذي ضَعف، وهو المنيّ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ يعني ضعف الطفولة قوَّة الشباب، ثُمَّ جَعل مِن بَعْد قوَّة الشباب ضعف الكِبَر، وشيبةً، يَخْلُقُ ما يَشاءُ أي: من ضعف وقوَّة وشباب وشَيبة وَهُوَ الْعَلِيمُ بتدبير خلقه الْقَدِيرُ على ما يشاء. وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ


ضعيف جدا، أخرجه الشافعي ١/ ١٧٥ والبغوي في «التفسير» ١٢٣٤ من طريق الشافعي أنبأنا من لا أتهم بحديثه ثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلّم على ركبتيه وقال:
اللهم اجعلها ... ، وشيخ الشافعي هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، وهو متروك وكذبه القطان وابن معين، وكان الشافعي يوثقه؟! وهذا إسناد ساقط، والخبر شبه موضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>