للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنهم الأنبياء وأُممهم. والثاني: المؤمنون والمشركون.

ثم خوّف كفّار مكّة بقوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ وقرأ أبو عبد الرحمن السّلمي: «نهد» بالنون.

وقد سبق تفسيره «١» . أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ يعني المطر والسيل إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ وهي التي لا تُنبت- وقد ذكرناها في أول الكهف «٢» - فاذا جاء الماء أنبتَ فيها ما يأكل الناس والأنعام. وَيَقُولُونَ يعني كفار مكة مَتى هذَا الْفَتْحُ وفيه أربعة أقوال «٣» : أحدها: أنه ما فتح يوم بدر روى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال: يومَ بدر فتح للنبيّ صلى الله عليه وسلّم، فلم ينفع الذين كفروا إِيمانُهم بعد الموت.

والثاني: أنه يوم القيامة، وهو يوم الحُكم بالثواب والعقاب، قاله مجاهد. والثالث: أنه اليوم الذي يأتيهم فيه العذاب في الدنيا قاله السدي. والرابع: فتح مكة، قاله ابن السائب والفراء وابن قتيبة وقد اعتُرِض على هذا القول، فقيل: كيف لا ينفع الكفارَ إِيمانُهم يوم الفتح وقد أسلم جماعة منهم وقبل إسلامهم يومئذ؟! ففيه جوابان: أحدهما: لا ينفع مَنْ قُتل من الكفار يومئذ إِيمانُهم بعد الموت وقد ذكرناه عن ابن عباس.

(١١١٣) وقد ذكر أهل السِّيَر أنَّ خالداً دخل يوم الفتح من غير الطريق التي دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فلقيه صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو في آخرين فقاتلوه، فصاح خالد في أصحابه وقاتلهم، فقتل أربعة وعشرين من قريش، وأربعة من هذيل، وانهزموا، فلمَّا ظهر رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قال:

«ألم أَنه عن القتال» ؟ فقيل: إِن خالداً قوتل فقاتل.

والثاني: لا ينفع الكفارَ ما أعطوا من الأمان، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال:

(١١١٤) «مَنْ أَغلق بابَه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» .

قال الزجاج: يقال: آمنتُ فلاناً إِيماناً، فعلى هذا يكون المعنى: لا يدفع هذا الأمانُ عنهم عذاب


يأتي في سورة الفتح. وانظر قصة فتح مكة في «دلائل النبوة» للبيهقي ٥/ ٥- ٦٤ و «سيرة ابن هشام» ٤/ ٢٦- ٤٢. و «المغازي» للواقدي ٢/ ٧٨٠ و «الطبقات لابن سعد» ٢/ ١٣٤. و «البداية والنهاية» ٤/ ٢٩٧.
صحيح. أخرجه مسلم ١٧٨٠ ح ٨٦ وأبو داود ٣٠٢٣ والبيهقي ٩/ ١١٨ من طريقين عن ثابت عن أنس.
- وأخرجه مسلم ١٧٨٠ ح ٨٤ و ٨٥ وأبو داود ١٨٧٢ والطيالسي ٢٤٢٤ وأحمد ٣/ ٥٣٨ وابن أبي شيبة ١٤/ ٤٧١- ٤٧٣ والبيهقي ٩/ ١١٧- ١١٨ وابن حبان ٤٧٦٠ من حديث أبي هريرة في أثناء خبر مطوّل.
وانظر «تفسير القرطبي» ٤٣٩٤ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>