للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: لم يكن عندهم إِجابة وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ أي: يتبرَّؤون من عبادتكم وَلا يُنَبِّئُكَ يا محمد مِثْلُ خَبِيرٍ أي: عالِم بالأشياء، يعني نفسه عزّ وجلّ والمعنى أنه لا أخبر منه عزّ وجلّ بما أخبر أنّه سيكون.

[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ١٥ الى ٢٦]

يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩)

وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (٢٣) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤)

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦)

يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ أي: المحتاجون إِليه وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ عن عبادتكم الْحَمِيدُ عند خلقه باحسانه إِليهم. وما بعد هذا قد تقدّم بيانه «١» إلى قوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ أي: نَفْس مُثْقَلة بالذُّنوب إِلى حِمْلِها الذي حملتْ من الخطايا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ الذي تدعوه ذا قُرْبى ذا قرابة إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ أي: يخشونه ولم يَرَوه والمعنى:

إِنما تَنفع بانذارك أهل الخشية، فكأنك تُنذرهم دون غيرهم لمكان اختصاصهم بالانتفاع، وَمَنْ تَزَكَّى أي: تطهَّر من الشِّرك والفواحش، وفعلَ الخير فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ أي: فصلاحُه لنَفْسه وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ فيجزي بالأعمال. وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ يعني المؤمن والمشرك، وَلَا الظُّلُماتُ يعني الشِّرك والضَّلالات وَلَا النُّورُ الهدى والإِيمان، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ فيه قولان: أحدهما: ظِلُّ اللَّيل وسَمُوم النهار، قاله عطاء. والثاني: الظِّلُّ: الجَنَّة، والحَرُور: النَّار، قاله مجاهد. قال الفراء: الحَرُور بمنزلة السَّمُوم، وهي الرِّياح الحارَّة. والحَرُور تكون بالنَّهار وبالليل، والسَّمُوم لا تكون إِلا بالنَّهار. وقال أبو عبيدة: الحَرُور تكون بالنَّهار مع الشمس، وكان رؤبة يقول: الحَرور باللَّيل، والسَّمُوم بالنَّهار.

قوله تعالى: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ فيهم قولان: أحدهما: أن الأحياء: المؤمنون، والأموات: الكفار. والثاني: أن الأحياء، العقلاء: والأموات: الجُهَّال. وفي «لا» المذكورة في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها زائدة مؤكِّدة. والثاني: أنها نافية لاستواء أحد المذكورَين مع الآخر. قال قتادة: هذه أمثال ضربها اللهُ تعالى للمؤمن والكافر، يقول: كما لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن. إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ أي: يُفهم من يريد إِفهامه وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والجحدري: «بِمُسْمِعِ مَنْ» على الإِضافة يعني الكفار، شبههم بالموتى، إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ قال بعض المفسرين: نُسخ معناها بآية السيف. قوله


(١) إبراهيم: ١٩- ٧١، الأنعام: ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>