للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، أي: لمعرفة ما اختلفوا فيه، أو تصحيح ما اختلفوا فيه. وفي الذي اختلفوا فيه ستة أقوال:

أحدها: أنه الجمعة، جعلها اليهود السبت، والنصارى الأحد.

(٩٢) فروى البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:

«نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له. اليوم لنا، وغداً لليهود، وبعد غد للنصارى» .

والثاني: أنه الصلاة، فمنهم من يصلي إلى المشرق، ومنهم من يصلي إلى المغرب.

والثالث: أنه إبراهيم. قالت اليهود: كان يهودياً، وقالت النصارى: كان نصرانياً.

والرابع: أنه عيسى، جعلته اليهود لفرية، وجعلته النّصارى إلها.

والخامس: أنه الكتاب، آمنوا ببعضها، وكفروا ببعضها.

والسادس: أنه الدين، وهو الأصح، لأن جميع الأقوال داخلة في ذلك.

قوله تعالى: بِإِذْنِهِ، قال الزجاج: إذنه: علمه. وقال غيره: أمره. قال بعضهم: توفيقه.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢١٤]]

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)

قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ، في سبب نزولها ثلاثة أقوال: أحدها: أن الصحابة أصابهم يوم الأحزاب بلاء وحصر، فنزلت هذه الآية، ذكره السدي عن أشياخه وهو قول قتادة «١» .

(٩٣) والثاني: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لما دخل المدينة هو وأصحابه اشتد بهم الضر، فنزلت هذه الآية، قاله عطاء. والثالث: أن المنافقين قالوا للمؤمنين: لو كان محمد نبياً لم يُسلط عليكم القتل، فأجابوهم:

من قتل منا دخل الجنة، فقالوا: لم تمنّون أنفسكم بالباطل؟ فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. وزعم أنها نزلت يوم أُحد «٢» .

قال الفراء: أَمْ حَسِبْتُمْ بمعنى: أظننتم، وقال الزجاج: «أم» بمعنى: بل. وقد شرحنا «أم» فيما تقدم شرحاً كافياً. والمثَل بمعنى: الصفة. و «زلزلوا» خُوفوا وحُرِكوا بما يؤذي، وأصل الزلزلة في اللغة من: زل الشيء عن مكانه، فاذا قلت: زلزلته، فتأويله: كررت زلزلته مِن مكانه، وكل ما كان فيه ترجيع كرّرت فيه فاء الفعل، تقول: أقل فلان الشيء: إذا رفعه من مكانه، فاذا كرر رفعه وردّه، قيل:


صحيح. أخرجه البخاري ٢٣٨ و ٨٧٦ و ٢٩٥٦ و ٦٦٢٤ و ٧٠٣٦ و ٧٤٩٥ ومسلم ٨٥٥ وأحمد ٢/ ٢٤٣- ٢٤٩ والنسائي ٣/ ٨٧ وابن ماجة ١٠٨٣ وابن حبان ٢٧٨٤ عن أبي هريرة مرفوعا.
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٢٨ عن عطاء بدون إسناد، فهو لا شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>