للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحاً ولا غنيمة ولا شهادة. وَاللَّهُ يَعْلَمُ أن الجهاد خير لكم. وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ حين أحببتم القعود عنه.

فصل: اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها من المحكم الناسخ للعفو عن المشركين. والثاني: أنها منسوخة، لأنها أوجبت الجهاد على الكل، فنسخ ذلك بقوله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً «١» . والثالث: إنها ناسخة من وجه، منسوخة من وجه. وقالوا: إن الحال في القتال كانت على ثلاثة مراتب: الأولى: المنع من القتال، ومنه قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ «٢» . والثانية: أمر الكل بالقتال، ومنه قوله تعالى: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا «٣» ، ومثلها هذه الآية. والثالثة: كون القتال فرضاً على الكفاية، وهو قوله تعالى: وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً، فيكون الناسخ منها إيجاب القتال بعد المنع منه، والمنسوخ وجوب القتال على الكلّ.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢١٧]]

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧)

قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ.

(٩٨) روى جندب بن عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث رهطا واستعمل عليهم أبا عبيدة بن الحارث فلما انطلق ليتوجه بكى صبابة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فبعث مكانه عبد الله بن جحش، وكتب له كتاباً، وأمره ألا يقرأه إلا بمكان كذا وكذا، وقال: «لا تكرهنَّ أحداً من أصحابك على المسير معك» ، فلما صار إِلى المكان، قرأ الكتاب واسترجع، وقال: سمعاً وطاعة لأمر الله ولرسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب. فرجع رجلان من أصحابه، ومضى بقيتهم، فأتوا ابن الحضرمي فقتلوه، فلم يدروا ذلك اليوم، أمِن رجب، أو من جمادى الآخرة؟ فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام، فأتوا


صحيح دون تأمير أبي عبيدة وبكائه، فإنه ضعيف. أخرجه أبو يعلى ١٥٣٤ والطبري ٤٠٨٧ والطبراني ١٦٧٠ والبيهقي ٩/ ١١- ١٢ من حديث جندب بن عبد الله، وإسناده ضعيف، فيه راو مجهول.
- وأصله محفوظ بشواهده، أخرجه الطبري ٤٠٨٥ من مرسل عروة. وورد من مرسل السدي، أخرجه الطبري ٤٠٨٦. وورد من مرسل أبي مالك: أخرجه الطبري ٤٠٩٢. وورد عن ابن عباس: أخرجه الطبري ٤٠٨٩ وإسناده حسن. وكرره ٤٩٠ وإسناده واه لأجل عطية العوفي. وورد من مرسل الضحاك: أخرجه الطبري ٤٠٩٦ وله شواهد أخرى عامتها مرسل.
- الخلاصة: هو حديث صحيح بطرقه وشواهده دون قوله «استعمل عليهم أبا عبيدة ... فبعث مكانه» .
والصواب أن الأمير من أول الأمر هو عبد الله بن جحش.

<<  <  ج: ص:  >  >>