للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي معيط إِلَّا الْمُتَّقِينَ يعني الموحِّدين. فإذا وقع الخوف يومَ القيامة نادى منادٍ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، فيرفع الخلائق رؤوسهم، فيقول: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ، فينكِّس الكفار رؤوسهم. قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: «يا عبادي» بإثبات الياء في الحالين وإِسكانها، وحذفها في الحالين ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وحفص، والمفضل عن عاصم، وخلف. وفي أزواجهم قولان: أحدهما: زوجاتهم. والثاني:

قرناؤهم. وقد سبق معنى تُحْبَرُونَ «١» .

قوله تعالى: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ قال الزجاج: واحدها صَحْفة، وهي القَصْعة. والأكواب، واحدها: كُوب، وهو إٍناء مستدير لا عُرْوَةَ له قال الفراء: الكُوب: الكوز المستدير الرأس الذي لا أُذُن له، وقال عديّ:

مُتَّكِئاً تَصْفِقُ أبوابُه ... يَسْعَى عليه العَبْدُ بالكُوبِ «٢»

وقال ابن قتيبة: الأكواب: الأباريق التي لا عُرى لها. وقال شيخنا أبو منصور اللغوي: وإنما كانت بغير عُرىً لِيَشرب الشارب من أين شاء، لأن العُروة تَرُدُّ الشارب من بعض الجهات.

قوله تعالى: وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «تشتهيه» بزيادة هاءٍ. وحذفُ الهاء كإثباتها في المعنى. قوله تعالى: وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ يقال: لَذِذْتُ الشيءَ، واستلذذتُه، والمعنى: ما من شيء اشتهتْه نَفْس أو استلذَّتْه عين إِلاّ وهو في الجنة، وقد جمع الله تعالى جميع نعيم الجنة في هذين الوصفين، فإنه ما من نِعمة إِلاّ وهي نصيب النَّفْس أو العين، وتمام النَّعيم الخلود، لأنه لو انقطع لم تَطِب. وَتِلْكَ الْجَنَّةُ يعني التي ذكرها في قوله: «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ» الَّتِي أُورِثْتُمُوها قد شرحنا هذا في الأعراف «٣» عند قوله: أُورِثْتُمُوها.

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٧٤ الى ٨٣]

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨)

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠) قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣)

قوله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ يعني الكافرين، لا يُفَتَّرُ أي: لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ يعني في العذاب مُبْلِسُونَ قال ابن قتيبة: آيسون من رحمة الله. وقد شرحنا هذا في الأنعام «٤» . وَما ظَلَمْناهُمْ أي: ما عذَّبْناهم على غير ذَنْبٍ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ لأنفسهم بما جَنَوْا عليها. قال الزجاج:

والبصريُّون يقولون: «هُم» هاهنا فصل، كذلك يسمُّونها، ويسمِّيها الكوفيّون: العماد. قوله تعالى:


(١) الروم: ١٥.
(٢) البيت لعدي بن زيد وهو في «مجاز القرآن» : ٢/ ٢٠٦ و «تفسير القرطبي» ١٦/ ٩٩.
(٣) الأعراف: ٤٣.
(٤) الأنعام: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>