للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرَى» بتاء مضمومة. وقرأ أبو عمران، وابن السميفع: «لا تَرَى» بتاء مفتوحة «إلاّ مسكنهم» على التوحيد. وهذا لأن السُّكّان هلكوا، فقيل: أصبحوا وقد غطتَّهم الرِّيح بالرَّمْل فلا يُرَوْن.

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٢٦) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٧) فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)

ثم خوّف كفّار مكّة، فقال عزّ وجلّ: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ في «إِنْ» قولان:

أحدهما: أنها بمعنى «لَمْ» فتقديره: فيما لم نمكِّنْكم فيه، قاله ابن عباس، وابن قتيبة. وقال الفراء: هي بمنزلة «ما» في الجحد، فتقدير الكلام: في الذي لم نمكِّنْكم فيه. والثاني: أنها زائدة والمعنى: فيما مكَّنّاكم فيه، وحكاه ابن قتيبة أيضاً.

ثم أخبر أنه جعل لهم آلات الفهم، فلم يتدبَّروا بها، ولم يتفكّروا فيما يدلُّهم على التوحيد، قال المفسرون: والمراد بالأفئدة: القلوب وهذه الآلات لم ترُدَّ عنهم عذابَ الله.

ثم زاد كفَّارَ مكة في التخويف، فقال: وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى كديار عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم من الأُمم المُهْلَكة وَصَرَّفْنَا الْآياتِ أي: بيَّنّاها لَعَلَّهُمْ يعني أهل القُرى يَرْجِعُونَ عن كفرهم. وهاهنا محذوف، تقديره: فما رَجَعوا عن كفرهم. فَلَوْلا أي: فهلاّ نَصَرَهُمُ أي: منعهم من عذاب الله الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً يعني الأصنام التي تقرَّبوا بعبادتها إِلى الله على زعمهم وهذا استفهام إِنكار، معناه: لم ينصروهم بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي: لم ينفعوهم عند نزول العذاب وَذلِكَ يعني دعاءَهم الآلهةَ إِفْكُهُمْ أي: كذبهم، وقرأ سعد بن أبي وقاص وابن يعمر وأبو عمران: «وذلك أفَّكَهم» بفتح الهمزة وقصرها وفتح الفاء وتشديدها ونصب الكاف. وقرأ أًبيُّ بن كعب وابن عباس وأبو رزين والشعبي وأبو العالية والجحدري: «أفَكَهم» بفتح الهمزة وقصرها ونصب الكاف والفاء وتخفيفها. قال ابن جرير: أي: أضلَّهم. وقال الزجاج: معناها: صَرَفهم عن الحق فجعلهم ضُلاّلاً. وقرأ ابن مسعود وأبو المتوكل: «آفِكُهم» بفتح الهمزة ومدِّها وكسر الفاء وتخفيفها ورفع الكاف، أي: مضلّهم.

[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]

وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢)

قوله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ وبّخ الله عزّ وجلّ بهذه الآية كُفّارَ قريش بما آمنتْ به

<<  <  ج: ص:  >  >>