للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنّ. وفي سبب صرفهم إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم صُرِفوا إِليه بسبب ما حدث من رجمهم بالشُّهُب. روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عباس قال:

(١٢٦٨) انطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في طائفة من أصحابه عامدين إِلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلتْ عليهم الشُّهُب، فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حِيل بيننا وبين خبر السماء وأُرسلْت علينا الشُّهُب، قالوا: ما ذاك إِلاّ من شيءٍ حدث، فاضرِبوا مشارق الأرض ومغاربَها فانظروا ما هذا الأمر، فمرَّ النَّفرُ الذين توجّهوا نحو تهامة بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو ب «نَخْلةَ» وهو يصلِّي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمَّعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك رجَعوا إِلى قومهم فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ «١» ، فأنزل اللهُ على نبيِّه قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ «٢» .

(١٢٦٩) وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الجن، ولا رآهم، وإِنما أتَوْه وهو ب «نخلة» فسمعوا القرآن.

والثاني: أنهم صُرِفوا إِليه لِيُنْذِرهم وأمر أن يقرأ عليهم القرآن هذا مذهب جماعة، منهم قتادة.

(١٢٧٠) وفي أفراد مسلم من حديث علقمة قال: قلت لعبد الله: من كان منكم مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلةَ الجن؟ فقال: ما كان منَّا معه أحد، فقدْناه ذاتَ ليلة ونحن بمكة، فقلنا: اغتيل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو استُطير، فانطلقْنا نطلبه في الشِّعاب، فلقِيناهُ مُقْبِلاً من نحو حِراء، فقلنا: يا رسول الله، أين كنتَ؟ لقد أشفقنا عليك، وقلنا له: بِتْنا الليلةَ بِشَرِّ ليلةٍ بات بها قوم حين فَقَدْناكَ، فقال: «إِنه أتاني داعي الجن، فذهبت أُقْرِئهم القرآن» ، فذهبَ بنا، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم.

(١٢٧١) وقال قتادة: ذُكِر لنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنِّي أُمِرْتُ أن أقرأ على الجن، فأيُّكم يَتبعُني؟» فاطرقوا، ثم استتبعهم فأطرقوا ثم استتبعهم الثالثةَ فأطرقوا، فأتبعه عبد الله بن مسعود، فدخل


صحيح. أخرجه البخاري ٧٧٣ عن مسدد ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري ٣٣٢٠ ومسلم ٤٤٩ والترمذي ٣٣٢٠ وأحمد ١/ ٢٥٢ و ٢٧٠ وأبو يعلى ٢٣٦٩ من طرق عن أبي عوانة به. وأخرجه أحمد ١/ ٢٧٤ وأبو يعلى ٢٥٠٢ من طريق أبي إسحاق عن سعيد به.
هو صدر الحديث المتقدم.
صحيح. أخرجه مسلم ٤٥٠ عن محمد بن المثنى ثنا عبد الأعلى ثنا داود قال سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود.
وأخرجه أبو داود ٨٥ مختصرا والترمذي ١٨ و ٤٢٥٨ وابن أبي شيبة ١/ ١٥٥ وابن خزيمة ٨٢ وأبو عوانة ١/ ٢١٩ وابن حبان ١٤٣٢ والبيهقي ١/ ١٠٨- ١٠٩ وفي «دلائل النبوة» ٢/ ٢٢٩ والبغوي في «شرح السنة» ١٧٨ مختصرا من طرق عن داود بن أبي هند به.
هذا الخبر هو عند الطبري منجما ٣١٣١٥ من طريق سعيد عن قتادة مرسلا. و ٣١٣١٦ من طريق معمر عن قتادة و ٣١٣١٧ من طريق عبد الله بن عمرو بن غيلان عن ابن مسعود و ٣١٣١٨ من طريق عن أبي عثمان بن شبة الخزاعي عن ابن مسعود. فهذه الروايات تتأيد بمجموعها من جهة الإسناد، لكن هي معارضة بالحديث الصحيح المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>