للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني ابن آدم وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ أي ما تحدِّثه به نفسه. وقال الزجاج: نعلم ما يُكِنُّه في نَفْسه. قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ أي بالعِلْم مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ الحَبْل هو الوريد، وإنما أضافه إلى نفسه لِما شرحناه آنفا في قوله: «وحبّ الحصيد» «١» . قال الفراء: والوريد:

عِرْقٌ بين الحُلْقوم والعِلْباوَيْن. وعنه أيضاً قال: عرق بين اللَّبَّة والعِلْباوَيْن. وقال الزجاج: الوريد: عِرْق في باطن العُنُق، وهما وريدان، والعِلْباوَان: العَصَبتان الصَّفراوان في مَتْن العُنُق، واللَّبَّتان: مَجرى القُرط في العُنُق. وقال ابن الأنباري: اللَّبَّة حيث يتذبذب القُرْط مِمّا يَقْرُبُ من شحمة الأُذن. وحكى بعض العلماء أن الوريد: عِرْقٌ متفرِّق في البدن مُخالِط لجميع الأعضاء، فلمّا كانت أبعاض الإِنسان يحجب بعضُها بعضاً، أَعْلَمَ أن عِلْمه لا يحجُبه شيءٌ. والمعنى: ونحن أقربُ إليه حين يَتلقَّى المتُلقِّيان، وهما الملَكان الموكَّلان بابن آدم يتلقيَّانِ عمله. وقوله: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ أي: يأخُذان ذلك ويُثْبِتانه عَنِ الْيَمِينِ كاتب الحسنات وَعَنِ الشِّمالِ كاتب السَّيِّئات. قال الزجاج: والمعنى: عن اليمين قَعيد، وعن الشِّمال قَعيد، فدلَّ أحدُهما على الآخر، فحذف المدلولُ عليه، قال الشاعر:

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وأنت بما عندك ... رَاضٍ والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ

وقال آخر:

رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوالِدِي ... بَريئاً، ومِنْ أَجْلِ الطَّوِىِّ رَمَانِي «٢»

المعنى: كنتُ منه بريئاً. وقال ابن قتيبة: القَعيد بمعنى قاعد، كما يقال: «قدير» بمعنى «قادر» ، ويكون القعيد بمعنى مُقاعِد، كالأكيل والشَّريب بمنزلة: المُؤاكِل والمُشارِب.

قوله تعالى: ما يَلْفِظُ يعني الانسان، أي: ما يتكلَّم من كلام فيَلْفِظُه، أي يَرميه من فمه، إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ أي: حافظ، وهو الملَك الموكَّل به، إِمّا صاحب اليمين، وإِمّا صاحب الشمال عَتِيدٌ قال الزجاج: العَتيد: الثّابِت اللاّزم. وقال غيره: العَتيد: الحاضر معه أينما كان.

(١٣٣٩) وروى أبو أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كاتب الحسنات على يمين الرّجل، وكاتب


حديث ضعيف. في إسناده جعفر بن الزبير متروك متهم، والقاسم وإن وثقه ابن معين والترمذي، فقد ضعفه ابن حيان، وقال أحمد: روى عنه علي بن زيد أعاجيب، ولا أراها إلا من قبل القاسم، وقال ابن معين بعد أن وثقه: والثقات يروون عنه الأحاديث. أي الواهية- ولا يرفعونها ثم قال: يجيء من المشايخ الضعفاء ما يدل حديثهم على ضعفه. وأخرجه الطبراني في «الكبيرة» ٧٩٧١ من طريق عبد القاهر بن شعيب، والبيهقي في «الشعب» ٧٠٤٩ من طريق مروان بن معاوية كلاهما عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن محمد عن أبي أمامة.
وأخرجه البيهقي في «الشعب» ٧٠٥٠ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ١٦٥- ١٦٦ من طريقين عن إسماعيل بن عيسى العطار عن المسيب بن شريك عن بشر بن نمير عن القاسم به دون صدره، وإسماعيل ضعيف ومثله القاسم. وورد بلفظ «إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتب واحدة» . أخرجه البيهقي ٧٠٥١ وأبو نعيم ٦/ ١٢٤ والواحدي ٤/ ١٦٥ والطبراني ٧٧٦٥ من طريق إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن عروة بن رويم عن القاسم به.
وإسناده ضعيف، وعلته القاسم، وكذا إسماعيل ضعفه غير واحد مطلقا. وضعفه بعضهم في روايته خاصة عن-

<<  <  ج: ص:  >  >>