للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَوَلَّى اي أعرَضَ بِرُكْنِهِ قال مجاهد: بأصحابه. وقال ابو عبيدة: «بِرُكْنه» و «بجانبه» سواء، إنما هي ناحيته وَقالَ ساحِرٌ اي وقال لموسى: هذا ساحر أَوْ مَجْنُونٌ وكان أبو عبيدة يقول: «أو» بمعنى الواو. فأمّا «الَيمُّ» فقد ذكرناه في الأعراف «١» و «مُليم» في الصافات «٢» .

قوله تعالى: وَفِي عادٍ اي في إهلاكهم آية ايضاً إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ وهي التي لا خَير فيها ولا بَرَكة، لا تُلْقِح شجراً ولا تَحْمِل مطراً، وإنما هي للإهلاك. وقال سعيد بن المسيّب: هي الجَنُوب. ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ أي من أنفُسهم وأموالهم إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ اي كالشيء الهالك البالي، قال الفراء: الرَّميم: نبات الأرض إذا يَبِس وَدِيس. وقال الزجاج: الرَّميم: الورَق الجافّ المتحطِّم مثل الهشيم. وَفِي ثَمُودَ آيةٌ ايضاً إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ فيه قولان: أحدهما: أنه قيل لهم: تَمتَّعوا في الدُّنيا إلى وقت انقضاء آجالكم تهدُّداً لهم. والثاني: أن صالحاً قال لهم بعد عَقْر النّاقة:

تَمتَّعوا ثلاثة أيام: فكان الحِين وقتَ فناء آجالهم، فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ قال مقاتل: عصوا أَمْره فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ يعني العذاب، وهو الموت من صيحة جبريل. وقرأ الكسائي وحده: «الصَّعْقةُ» بسكون العين من غير الف وهي الصَّوت الذي يكون عن الصاعقة. قوله تعالى: وَهُمْ يَنْظُرُونَ فيه قولان: أحدهما: يَرَوْن ذلك عِياناً، والثاني: وهم ينتظرون العذاب فأتاهم صبيحة يومَ السبت. قوله تعالى: فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ فيه قولان: أحدهما: ما استطاعوا نُهوضاً من تلك الصَّرعة. والثاني: ما أطاقوا ثُبوتاً لعذاب الله وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ أي ممتنعين من العذاب.

قوله تعالى: وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ قرأ أبو عمرو إلاّ عبد الوارث، وحمزة، والكسائي: بخفض الميم، وروى عبد الوارث رفع الميم. والباقون بنصبها. وقال الزجاج: من خفض (القوم) فالمعنى:

وفي قومِ نوحٍ آيةٌ، ومن نصب فهو عطف على معنى قوله: «فأخذتْهم الصّاعقةُ» فإن معناه: أهلكْناهم، فيكون المعنى: وأهلَكْنا قومَ نوح، والأحسن- والله أعلم- أن يكون محمولاً على قوله: «فأخذْناه وجنوده فنبذنْاهم في اليمِّ» لأن المعنى: أغرقناه، وأغرقْنا قومَ نوح.

وَالسَّماءَ بَنَيْناها المعنى: وبنينا السماء بنيناها بِأَيْدٍ أي بقْوَّة، وكذلك قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وسائر المفسرين واللغويين: «بأيد» اي: بقُوَّة. وفي قوله: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ خمسة أقوال: أحدها: لموسِعون الرِّزق بالمطر، قاله الحسن. والثاني: لموسِعون السماء، قاله ابن زيد.

والثالث: لقادرون، قاله ابن قتيبة. والرابع: لموسِعون ما بين السماء والأرض، قاله الزجاج.

والخامس: لذو سعة لا يضيق عمّا يريد، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ قال الزجاج: هذا عطفٌ على ما قبله منصوبٌ بفعل مُضْمر محذوف يدلُّ عليه قوله: «فرشْناها» فالمعنى فرشْنا الأرض فرشْناها «فنِعْم الماهدون» أي: فنِعْم الماهدون نحن. قال مقاتل: «فرشْناها» أي: بسطْناها مسيرة خمسمائة عام، وهذا بعيد، وقد قال قتادة:

الأرضُ عشرون ألف فرسخ، والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ اي: صِنفين ونَوعَين كالذكر والأنثى، والبرّ والبحر،


(١) الأعراف: ١٣٦.
(٢) الصافات: ١٤٢. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>