للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنها نزلت في اليهود، قاله مجاهد «١» .

(١٤٠٠) قال مقاتل: وكان بين اليهود وبين رسول الله موادعة، فإذا رأوا رجلاً من المسلمين وحده تناجَوْا بينهم فيظن المسلم أنهم يتناجَوْن بقتله أو بما يكره فيترك الطريق من المخافة، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إليها، فنزلت هذه الآية. وقال ابن السائب: نزلت في المنافقين «٢» . والنجوى: بمعنى المناجاة ثُمَّ يَعُودُونَ إلى المناجاة التي نهوا عنها وَيَتَناجَوْنَ قرأ حمزة، ويعقوب إلا زيداً، ورَوحاً «ويتنجَّون» وقرأ الباقون «ويتناجون» بألف. وفي معنى تناجيهم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وجهان: أحدهما: يتناجون بما يسوء المسلمين، فذلك الإثم والعدوان، ويوصي بعضهم بعضاً بمعصية الرّسول. والثاني: يتناجون بعد نهي الرسول لهم، ذلك هو الإثم والعدوان ومعصية الرسول.

قوله عزّ وجلّ: وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ اختلفوا فيمن نزلت على قولين:

(١٤٠١) أحدهما: أنها نزلت في اليهود. قالت عائشة رضي الله عنها: جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقلت: السام عليكم، وفعل الله بكم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: مه يا عائشة، فإن الله لا يحب الفحش، ولا التفحش، فقلت: يا رسول الله، ترى ما يقولون؟

فقال: ألست ترين أردُّ عليهم ما يقولون، وأقول: وعليكم، قالت: فنزلت هذه الآية في ذلك. قال الزجاج: والسام: الموت.

والثاني: أنها نزلت في المنافقين، رواه عطية عن ابن عباس.

قال المفسرون: ومعنى «حيَّوك» سَلَّموا عليك بغير سلام الله عليك، وكانوا يقولون: السّام عليك. فإذا خرجوا يقولون في أنفسهم، أو يقول بعضهم لبعض: لو كان نبياً عذّبنا بقولنا له ما نقول.

قوله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فيها قولان: أحدهما: نزلت في المنافقين، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بزعمهم، وهذا قول عطاء ومقاتل. والثاني: أنها في المؤمنين، والمعنى:

أنه نهاهم عن فعل المنافقين واليهود، وهذا مذهب جماعة، منهم الزّجّاج.

قوله عزّ وجلّ: فَلا تَتَناجَوْا هكذا قرأ الجماعة بألف. وقرأ يعقوب وحده «فلا تتنجَّوا» . فأما «البِرُّ» فقال مقاتل: هو الطاعة، و «التقوى» ترك المعصية. وقال أبو سليمان الدّمشقي: «البرّ» الصدق،


عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الرواية كذبه غير واحد.
صحيح. أخرجه البخاري ٦٤٠١ والبغوي في «شرح السنة» ٣٢٠٦ عن قتيبة بن سعيد به. وأخرجه البخاري ٢٩٣٥ و ٦٠٣٠ وفي «الأدب المفرد» ٣١١ من طريق أيوب عن ابن مليكة به. وأخرجه مسلم ٢١٦٥ ح ١١ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٢٦٢ من طريق مسروق عن عائشة به. وأخرجه البخاري ٦٠٢٤ و ٦٢٥٦ و ٦٣٩٥ ومسلم ٢١٦٥ والترمذي ٢٧٠١ وأحمد ٦/ ٣٧ و ١٩٩ وعبد الرزاق ١٩٤٦ وابن حبان ٦٤٤١ والبيهقي في «السنن» ٩/ ٢٠٣ وفي «الآداب» ٢٨٦ من طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

<<  <  ج: ص:  >  >>