للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ يعني: يهود بني النضير مِنْ دِيارِهِمْ أي: من منازلهم لِأَوَّلِ الْحَشْرِ فيه أربعة أقوال: أحدها: أنهم أول من حُشر وأُخرج من داره، قاله ابن عباس. وقال ابن السائب: هم أول من نفي من أهل الكتاب. والثاني: أن هذا كان أول حشرهم، والحشر الثاني: إلى أرض المحشر يوم القيامة، قاله الحسن.

(١٤١٥) قال عكرمة: من شك أن المحشر إلى الشام فليقرأ هذه الآية، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال لهم يومئذ: اخرجوا، فقالوا: إلى أين؟ قال: إلى أرض المحشر.

والثالث: أن هذا كان أول حشرهم وأن الحشر الثاني: نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، قاله قتادة. والرابع: هذا كان أول حشرهم من المدينة، والحشر الثاني: من خيبر وجميع جزيرة العرب إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام في أيام عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، قاله مرّة الهمداني.

قوله عزّ وجلّ: ما ظَنَنْتُمْ يخاطب المؤمنين أَنْ يَخْرُجُوا من ديارهم لعزِّهم، ومَنَعَتِهم، وحُصُونهم وَظَنُّوا: يعني: بني النضير أن حصونهم تمنعهم من سلطان الله فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وذلك أنّه أمر نبيّه صلّى الله عليه وسلم بقتالهم وإِجلائهم، ولم يكونوا يظنون أن ذلك يكون، ولا يحسبونه وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ لخوفهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقيل: لقتل سيدهم كعب بن الأشرف يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ قرأ أبو عمرو «يخرّبون» بالتشديد. وقرأ الباقون «يخربون» بالتخفيف وهل بينهما فرق، أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أن المشددة معناها: النقض والهدم. والمخففة معناها:

يخرجون منها ويتركونها خراباً معطَّلة، حكاه ابن جرير. وروي عن أبي عمرو أنه قال: إنما اخترت التشديد، لأن بني النضير نقضوا منازلهم، ولم يرتحلوا عنها وهي معمورة. والثاني: أن القراءتين بمعنى واحد. والتخريب والإخراب لغتان بمعنى، حكاه ابن جرير عن أهل اللغة. وللمفسرين فيما فعلوا بمنازلهم أربعة أقوال: أحدها: أنه كان المسلمون كلما ظهروا على دارٍ من دُورهم هدموها ليتسع لهم مكان القتال، وكانوا هم ينقبون دورهم، فيخرجون إِلى ما يليها، قاله ابن عباس. والثاني: أنه كان المسلمون كلما هدموا شيئا من حصونهم نقضوا هم ما يبنون به الذي خربه المسلمون، قاله الضحاك.

والثالث: أنهم كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم، أو العمود، أو الباب، يستحسنونه، فيهدمون


هو مرسل وورد موصولا. أخرجه البزار ٣٤٢٦ «كشف» من طريق أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس. وإسناده ضعيف لضعف أبي سعد البقال. وقال الهيثمي في «المجمع» ١٠/ ٨٣٥٥: فيه أبو سعيد البقال، والغالب على حديثه الضعف. قلت: وكون المحشر في الشام، ورد في أحاديث أخرى. وانظر «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ٥٨٧٣ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>