للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيسة والصغيرة كم هو؟ وليس المراد به ارتياب المعتدات في اليأس من المحيض، أو اليأس من الحمل للسبب الذي ذكر في نزول الآية. ولأنه لو أريد بذلك النساء لتوجَّه الخطاب إليهن، فقيل: إن ارتبتنُّ، أو ارتبْنَ، لأن الحيض إنما يعلم من جهتهنَّ.

وقد اختلف في المرأة إذا تأخر حيضها لا لعارض كم تجلس؟ فمذهب أصحابنا أنها تجلس غالب مدة الحمل، وهو تسعة أشهر، ثم ثلاثة. والعدة: هي الثلاثة التي بعد التسعة. فإن حاضت قبل السنة بيوم، استأنفت ثلاث حيض، وإن تَمَّتْ السَّنَةُ من غير حيض، حَلَّت، وبه قال مالك. أبو حنيفة، والشافعي في الجديد: تمكث أبداً حتى يعلم براءة رحمها قطعا، وهو أن تصير في حدّ لا يحيض مثلها، فتعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر.

قوله عزّ وجلّ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ يعني: عدتهن ثلاثة أشهر أيضاً، لأنه كلام لا يستقلُّ بنفسه، فلا بدَّ له من ضمير، وضميره تقدَّم ذكره مظهراً، وهو العدَّة بالشهور. وهذا على قول أصحابنا محمول على من لم يأت عليها زمان الحيض: أنها تعتد ثلاثة أشهر. فأما من أتى عليها زمان الحيض، ولم تحض، فإنها تعتدّ سنة.

قوله عزّ وجلّ: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ عامٌّ في المطلقات، والمتوفَّى عنهن أزواجهن، وهذا قول عمر، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي مسعود البدري، وأبي هريرة، وفقهاء الأمصار. وقد روي عن ابن عباس أنه قال: تعتدُّ آخر الأجلين. ويدل على قولنا عموم الآية. وقول ابن مسعود: من شاء لاعنته، ما نزلت وَأُولاتُ الْأَحْمالِ إِلا بعد آية المتوفَّى عنها زوجها، وقولِ أم سلمة:

(١٤٦٢) إن سُبَيعة وضعت بعد وفاة زوجها بأيام، فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن تتزوّج.

قوله عزّ وجلّ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ: فيما أُمِرَ به يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً يُسَهِّلْ عليه أمر الدنيا والآخرة، وهذا قول الأكثرين. وقال الضحاك: ومن يتق الله في طلاق السّنّة، يجعل له من أمره يسراً في الرَّجعة ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ بطاعته يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ أي: يمح عنه خطاياه وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً في الآخرة.

[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ٦ الى ٧]

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧)


صحيح. أخرجه البخاري ٥٣١٩ و ٥٣٢٠ ومسلم ١٤٨٤ وأبو داود ٢٣٠٦ والنسائي ٦/ ١٩٤ و ١٩٦ وابن ماجة ٢٠٢٨ ومالك ٢/ ٥٩٠ وأحمد ٦/ ٤٣٢ وابن حبان ٤٢٩٤ وعبد الرزاق ١١٧٢٢ والطبراني ٢٤/ ٧٤٥- ٧٥٠ والبيهقي ٧/ ٤٢٨- ٤٢٩ من طرق عن الزهري به بألفاظ متقاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>