للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لا عفو فيه، والنكر: المنكر فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها أي: جزاء ذنبها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً في الدنيا، والآخرة، وقال ابن قتيبة: الخسر: الهلكة.

قوله عزّ وجلّ: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً أي: قرآنا رَسُولًا أي: وبعث رسولاً، قاله مقاتل.

وإِلى نحوه ذهب السدي. وقال ابن السائب: الرسول هاهنا: جبرائيل، فعلى هذا: يكون الذِّكر والرسول جميعاً منزَّلين. وقال ثعلب: الرسول: هو الذِّكر. وقال غيره: معنى الذكر هاهنا: الشرف.

وما بعده قد تقدَّم «١» إلى قوله عزّ وجلّ: قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً يعني: الجنة التي لا ينقطع نعيمها.

[[سورة الطلاق (٦٥) : آية ١٢]]

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢)

قوله: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ أي: وخلق الأرض بعددهنّ. وجاء في الحديث: أنّ كثافة كل سماءٍ مسيرة خمسمائة عام، وما بينها وبين الأخرى كذلك، وكثافة كل أرض خمسمائة عام، وما بينها وبين الأرض الأخرى كذلك.

(١٤٦٤) وقد روى أبو الضحى عن ابن عباس قال: في كل أرض آدم مثل آدمكم، ونوح مثل نوحكم، وإبراهيم مثل إبراهيمكم، وعيسى كعيسى، فهذا الحديث تارة يرفع إلى ابن عباس، وتارة يوقف على أبي الضحى، وليس له معنى إلا ما حكى أبو سليمان الدمشقي، قال: سمعت أن معناه: إن في كل أرض خلقاً من خلق الله لهم سادة، يقوم كبيرهم ومتقدِّمهم في الخلق مقام آدم فينا، وتقوم ذُرِّيَّتُه في السِّنِّ والقِدَم كمقام نوح. وعلى هذا المثال سائرهم. وقال كعب: ساكن الأرض الثانية: الريح العقيم، وفي الثالثة: حجارة جهنم، والرابعة: كبريت جهنم، والخامسة: حيات جهنم، والسادسة:

عقارب جهنم، والسابعة: فيها إبليس «٢» .

قوله عزّ وجلّ: يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ، في الأمر قولان: أحدهما: أنه قضاء الله وقدره، قاله الأكثرون. قال قتادة: في كل أرضٍ من أرضهِ وسماءٍ من سمائه خَلْقٌ من خَلْقِهِ، وأمْرٌ من أمْرِهِ، وقَضَاءٌ من قَضَائِهِ. والثاني: أنه الوحي، قاله مقاتل.

قوله عزّ وجلّ: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً المعنى أعلمكم هذا لتعلموا قدرته على كل شيء وعلمه بكل شيء.


هذا الأثر من الإسرائيليات، وهو باطل لا أصل له. فلا يوجد في باطن الأرض كنبينا ولا غيره، بل وليس في باطن الأرض بشرا، وليست صالحة للحياة أصلا. والإسناد إلى أبي الضحى صحيح كما في «تفسير الطبري» ٣٤٣٧١ وأبو الضحى ثقة، وعلى هذا يكون ابن عباس تلقاه عن أهل الكتاب، فقد ثبت أنه روى عن كعب الأحبار وغيره. لا فائدة من هذه الأقوال لأنها إسرائيلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>