للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك: نميمتهما، وقال ابن السائب: نفاقهما.

قوله عزّ وجلّ: فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، أي: يدفعا عنهما من عذاب الله شيئاً. وهذه الآية تقطع طمع مَن ركب المعصية ورجا أن ينفعه صلاح غيره. ثم أخبر أن معصية الغير لا تضرّ المطيع بقوله: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ وهي آسية بنت مزاحم. وقال يحيى بن سلام:

ضرب الله المثل الأول يحذّر به عائشة وحفصة رضي الله عنهما. ثم ضرب لهما هذا المثل يرغبهما في التمسك بالطاعة. وكانت آسية قد آمنت بموسى. قال أبو هريرة: ضرب فرعون لامرأته أوتاداً في يديها ورجليها، وكانوا إذا تفرَّقوا عنها أظلتها الملائكة، فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته قبل موتها، قوله: وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ فيه قولان: أحدهما:

أن عمله: جِمَاعُهُ. والثاني: أنه دينه رويا عن ابن عباس، قوله: وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ يعني أهل دينه المشركين.

قوله عزّ وجلّ: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها قد ذكرنا فيه قولين في سورة الأنبياء «١» فمن قال: هو فرج ثوبها، قال «الهاء» في قوله تعالى: فَنَفَخْنا فِيهِ ترجع إليه، وذلك أن جبريل مَدَّ جيب درعها، فنفخ فيه، ومن قال: هو مخرج الولد، قال: «الهاء» كناية عن غير مذكور، لأنه إنما نفخ في درعها لا في فرجها.

قوله عزّ وجلّ: وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وفيه قولان: أحدهما: أنه قول جبريل إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ

«٢» . والثاني: الكلمات هي التي تضمنَّتها كتب الله المنزلة. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو مجلز، وعاصم الجحدري «بكلمةِ ربها» على التوحيد وَكُتُبِهِ قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم «وكتابِهِ» على التوحيد، وقرأ أبو عمرو، وحفص عن عاصم، وخارجة عن نافع «وكُتُبه» جماعة، وهي التي أنزلت على الأنبياء، ومن قرأ «وكتابه» فهو اسم جنس على ما بيَّنَّا في خاتمة البقرة «٣» وقد بيّنّا فيها القنوت مشروحا «٤» . ومعنى الآية وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ، ولذلك لم يقل: من القانتات.


(١) الأنبياء: ٩٢.
(٢) مريم: ١٩.
(٣) البقرة: ٢٨٥.
(٤) البقرة: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>