للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطن الوادي، فنوديتُ فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني، وعن شمالي، فلم أر أحداً، ثم نوديتُ فرفعتُ رأسي فإذا هو في الهواء، يعني: جبريل عليه السلام، فأقبلتُ إِلى خديجة، فقلت: دثّروني دثّروني، فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ.

(١٤٩٧) قال المفسرون: فلما رأى جبريل وقع مغشياً عليه، فلما أفاق دخل إلى خديجة، ودعا بماءٍ فصبَّه عليه، وقال: دثِّروني، فدثَّروه بقطيفة، فأتاه جبريل فقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ وقرأ أُبَيُّ بن كعب، وأبو عمران، والأعمش «المتدثِّر» بإظهار التاء، وقرأ أبو رجاء، وعكرمة، وابن يعمر «المدثر» بحذف التاء، وتخفيف الدال. قال اللغويون: وأصل «المدَّثِّر» المتدثر، فأدغمت التاء، كما ذكرنا في المتزمّل، وهذا قول الجمهور من التدثير بالثياب، وقيل المعنى: يا أيها المدثر بالنبوَّة، وأثقالها. قال عكرمة:

دثّرت هذا الأمر فقم به..

قوله عزّ وجلّ: قُمْ فَأَنْذِرْ كفارَ مكة العذابَ إن لم يُوحِّدوا وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أي: عظِّمه عما يقول عبدة الأوثان وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ فيه ثمانية أقوال «١» :

أحدها: لا تلبسها على معصية، ولا على غدر. قال غيلان بن سلمة الثقفي:

وَإني بِحَمْدِ الله لاَ ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلاَ مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ «٢»

روى هذا المعنى عكرمة عن ابن عباس.

والثاني: لا تكن ثيابُك من مكسب غير طاهر، روي عن ابن عباس أيضاً.

والثالث: طهر نفسك من الذنب، قاله مجاهد! وقتادة. ويشهد له قول عنترة:

فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيَابَهُ ... لَيْسَ الكَرِيمُ عَلَى القَنَا بِمُحرَّمِ

أي: نفسه، وهذا مذهب ابن قتيبة. قال: المعنى: طهر نفسك من الذنوب، فكنّى عن الجسم


يقولون: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك وقلت له مثل الذي قلت، فقال: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «جاورت ... » الحديث، وفيه «وصبوا عليّ ماء باردا» . وأخرجه البخاري ٤ و ٣٢٣٨ و ٤٩٢٥ و ٤٩٥٤ و ٦٢١٤ ومسلم ١٦١ ح ٢٥٥ وأحمد ٣/ ٣٠٦ والترمذي ٣٣٢٥ والطبري ٣٥٣٠٧ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٣٨ و ١٥٦ وأبو نعيم في «الدلائل» ١/ ٢٧٨ من طرق عن الزهري عن أبي سلمة به.
انظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>