للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العرب: كأنما أُنْشِط من عِقَال، بألف. تقول: إذا ربطت الحبل في يد البعير: نشطته، فإذا حللته قلت: أنشطته.

والقول الثاني: أنها أنفس المؤمنين تنشط عند الموت للخروج، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.

وبيانه أن المؤمن يرى منزله من الجنة قبل الموت فتنشط نفسه لذلك. والثالث: أن الناشطات: الموت ينشط نفس الإنسان، قاله مجاهد. والرابع: النجوم تنشط من أفق إلى أفق، أي: تذهب، قاله قتادة، وأبو عبيدة، والأخفش. ويقال لبقر الوحش: نواشط، لأنها تذهب من موضع إلى موضع. قال أبو عبيدة: والهموم تنشط بصاحبها. قال هميان بن قحافة:

أَمْسَتْ همومي تَنْشِط المنَاشِطَا ... الشَّامَ بي طَوْراً وطَوْراً وَاسِطَا

والخامس: أنها النفس حين تنشط بالموت، قاله السّدّيّ.

قوله عزّ وجلّ: وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً فيه ستة أقوال:

أحدها: أنها الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين، قاله عليّ عليه السلام. قال ابن السائب: يقبضون أرواح المؤمنين كالذي يسبح في الماء. فأحياناً ينغمس، وأحياناً يرتفع، يسلُّونها سلاً رفيقاً، ثم يَدَعُونها حتى تستريح. والثاني: أنهم الملائكة ينزلون من السماء مسرعين، كما يقال للفرس الجواد: سابح: إذا أسرع في جريه، قاله مجاهد، وأبو صالح، والفراء. والثالث: أنه الموت يسبح في نفوس بني آدم، روي عن مجاهد أيضاً. والرابع: أنها السفن تسبح في الماء، قاله عطاء. والخامس: أنها النجوم، والشمس، والقمر، كل في فلك يسبحون، قاله قتادة، وأبو عبيدة. والسادس: أنها الخيل، حكاه الماوردي.

قوله عزّ وجلّ: فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً فيه خمسة أقوال: أحدها: أنها الملائكة. ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء، قاله عليّ عليه السلام ومسروق. والثاني:

أنها تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنة، قاله مجاهد، وأبو روق. والثالث: سبقت بني آدم الى إلإيمان، قاله الحسن.

والقول الثاني: أنها أنفس المؤمنين تسبق الملائكة شوقاً إلى لقاء الله، فيقبضونها وقد عاينت السرور، قاله ابن مسعود. والثالث: أنه الموت يسبق إلى النفوس، روي عن مجاهد أيضاً. والرابع:

أنها الخيل، قاله عطاء. والخامس: أنها النجوم يسبق بعضه بعضا في السّير، قاله قتادة.

قوله عزّ وجلّ: فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً قال ابن عباس: هي الملائكة. قال عطاء: وُكِّلتْ بأمور عَرَّفهم الله العمل بها. وقال عبد الرحمن بن سابط: يُدَبِّر أمر الدنيا أربعة: جبريل، وهو موكل بالرِّياح والجنود. وميكائيل، وهو موكل بالقطر والنبات. وملك الموت، وهو موكل بقبض الأنفس.

وإسرافيل، وهو يَنزل بالأمر عليهم. وقيل: بل جبريل للوحي، وإسرافيل للصور. وقال ابن قتيبة:

فالمدبِّرات أمراً: تنزل بالحلال والحرام. فإن قيل: أين جواب هذه الأقسام ففيه جوابان: أحدهما: أنّ الجواب قوله عزّ وجلّ: إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى، قاله مقاتل. والثاني: أن الجواب مضمر، تقديره:

لَتُبْعَثُنَّ، ولتحاسبنّ، ويدلّ على هذا قوله عزّ وجلّ أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً قاله الفرّاء.

قوله عزّ وجلّ: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، وهي النفخة الأولى التي تموت منها جميع الخلائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>