للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ قال مقاتل: إن كتاب أعمالهم لَفِي سِجِّينٍ وفيها أربعة أقوال: أحدها: أنها الأرض السابعة، وهذا قول مجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، ومقاتل. وروي عن مجاهد قال: «سجين» صخرة تحت الأرض السابعة، جعل كتاب الفاجر تحتها، وهذه علامة لخسارتهم، ودلالة على خساسة منزلتهم. والثاني: أن المعنى: إن كتابهم لفي سفال، قاله الحسن. والثالث: لفي خسار، قاله عكرمة.

والرابع: لفي حبس، فعِّيل من السجن، قاله أبو عبيدة.

قوله عزّ وجلّ: وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ هذا تعظيم لأمرها. وقال الزجاج: أي: ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك.

قوله عزّ وجلّ: كِتابٌ مَرْقُومٌ أي: ذلك الكتاب الذي في سجين كتاب مرقوم، أي: مكتوب.

قال ابن قتيبة: والرّقم: الكتاب. قال ابن ذؤيب «١» :

عرفت الدّيار كرقم الدّواة ... يَزْبُرُه الكَاتِبُ الحِمْيَرِيُّ

وأنشده الزجاج: «يَذْبِرها» بالذال المعجمة، وكسر الباء. قال الأصمعي: يقال: زبر: كتب، وذبر: قرأ. وروى أبو عمرو عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، قال: الصواب: زبرت- بالزاي- كتبت.

وذبرت- بالذال- أتقنت ما حفظت. قال: والبيت يزبرها، بالزاي والضم. وقال ابن قتيبة: يروى «يزبرُها» و «يذبرُها» وهو مثله، يقال: زبر الكتاب يزبره، ويذبره. وذَبره يذبرُه، ويذبِره. وقال قتادة:

رقّم له بشرٍّ، كأنه أعلم بعلامة يعرف بها أنه الكافر. وقيل: المعنى: إنه مثبت لهم كالرقم في الثوب، لا ينسى ولا يمحى حتى يجازوا به.

قوله عزّ وجلّ: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هذا منتظم بقوله عزّ وجلّ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ، وما بينهما كلام معترض. وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله عزّ وجلّ: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر «بل ران» بفتح الراء مدغمة، وقرأ أبو بكر عن عاصم «بل ران» مدغمة بكسر الراء.

وقرأ حفص عن عاصم «بل» بإظهار اللام «ران» بفتح الراء وقرأ حمزة والكسائيّ بإدغام اللام بكسر الراء، قال اللغويون: أي: غلب على قلوبهم يقال: الخمر ترين على عقل السكران. قال الزجاج:

قرئت بإدغام اللام في الراء، لقرب ما بين الحرفين، وإظهار اللام جائز، لأنه من كلمة، والرأس من كلمة أخرى. ويقال: ران على قلبه الذَّنْب يرين ريناً: إذا غشي على قلبه، ويقال: غان يغين غينا، والغين كالغيم الرقيق، والرين كالصدأ يغشى على القلب. وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول:

الغين يقال: بالراء، وبالغين، ففي القرآن كَلَّا بَلْ رانَ.

(١٥١٩) وفي الحديث: «إنه ليغان على قلبي» وكذلك الراية تقال بالراء، وبالغين، والرميصاء تكتب «بالغين» ، وبالراء، لأن الرمص يكتب بهما. قال المفسرون: لما كثرت معاصيهم وذنوبهم أحاطت بقلوبهم. قال الحسن: هو الذَّنب على الذَّنب حتى يعمى القلب.


صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٠٢ وأبو داود ١٥١٥ وأحمد ٤/ ٢٦٠ والنسائي في «اليوم والليلة» ٤٤٢ وابن حبان ٩٣١ من حديث الأغرّ المزني بزيادة «وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة» . وانظر «تفسير القرطبي» ٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>