للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاش لها ولد لتهوّدنّه. فلما أجليت يهود بني النضير، كان فيهم ناس من أبناء الأنصار. فقال الأنصار:

يا رسول الله أبناؤنا؟ فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس.

وقال الشعبي: قالت الأنصار: والله لنكرهن أولادنا على الإسلام، فإنّا إنّما جعلنا في دين اليهود إذ لم نعلم ديناً أفضل منه، فنزلت هذه الآية.

(١٣٨) والثاني: أن رجلا من الأنصار تنصّر له ولدان قبل أن يبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما، وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا، فاختصموا إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت هذه الآية، هذا قول مسروق.

والثالث: أن ناساً كانوا مسترضعين في اليهود، فلما أجلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بني النضير، قالوا: والله لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأرادوا إكراههم على الإسلام، فنزلت الآية «١» .

والرابع: أن رجلاً من الأنصار كان له غلام اسمه صبيح، كان يكرهه على الإسلام، فنزلت هذه الآية، والقولان عن مجاهد.

فصل: واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية، فذهب قوم إلى أنه محكم، وأنه من العام المخصوص، فإنه خص منه أهل الكتاب بأنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يخيّرون بينه وبين أداء الجزية، وهذا معنى ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. وقال ابن الأنباري: معنى الآية:

ليس الدين ما تدين به في الظاهر على جهة الإكراه عليه، ولم يشهد به القلب، وتنطوي عليه الضمائر، إنما الدين هو المنعقد بالقلب. وذهب قوم إلى أنه منسوخ، وقالوا هذه الآية نزلت قبل الأمر بالقتال، فعلى قولهم، يكون منسوخاً بآية السيف، وهذا مذهب الضحاك، والسدي، وابن زيد.

والدين هاهنا: أريد به الإسلام. والرشد: الحق، والغي: الباطل. وقيل: هو الإيمان والكفر.

وأما الطاغوت فهو اسم مأخوذ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، قال ابن قتيبة: الطاغوت: واحد، وجمع، ومذكّر، ومؤنث. قال تعالى: أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ، وقال: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها «٢» ، والمراد بالطاغوت هاهنا خمسة أقوال: أحدها: أنه الشيطان «٣» ، قاله عمر وابن عباس


ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ١٦٢ عن مسروق بدون سند فلا حجة فيه، وله شاهد من مرسل السدي، أخرجه الطبري ٥٨٢٠ ومع إرساله، السدي يروي مناكير.
- وفي الباب من حديث ابن عباس عن الطبري ٥٨١٨ لكن إسناده ضعيف فيه محمد بن أبي محمد، وهو مجهول، والراجح في هذا هو المتقدم أولا عن ابن عباس وغيره، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>