للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و «يبشرك» بضم الياء: البشارة. ومعنى «يبشرك» بفتح الياء: يَسُرّك ويفرحك، يقال: بشَرت الرجل أبشره،: إذا أفرحته، وبشر الرجل يبشر: وأنشد الأخفش والكسائي:

وإِذا لقيت الباهشين الى النّدى ... غُبْراً أكفُّهُم بقاعٍ مُمحِل

فأعنهمُ وابشَرْ بِما بَشِروا به ... واذا هُمُ نزلوا بضنك فانزل «١»

فهذا على بشر يبشَر: إذا فرح. وأصل هذا كله أن بشَرة الإنسان تنبسط عند السرور، ومنه قولهم:

يلقاني ببشر، أي: بوجهٍ منبسط.

وفي معنى تسميته «يحيى» خمسة أقوال: أحدها: لأن الله تعالى أحيا به عقر أمه. قاله ابن عباس.

والثاني: لأن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان. قاله قتادة. والثالث: لأنه أحياه بين شيخ وعجوز، قاله مقاتل. والرابع: لأنه حيي بالعلم والحكمة التي أوتيها، قاله الزجاج. والخامس: لأن الله أحياه بالطاعة، فلم يعص، ولم يَهمَّ، قاله الحسن بن الفضل.

وفي «الكلمة» قولان: أحدهما: أنها عيسى، وسمي كلمة، لأنه بالكلمة كان، وهي «كن» وهذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة والسدّي، ومقاتل، وقيل: إن يحيى كان أكبر من عيسى بستة أشهر، وقتل يحيى قبل رفع عيسى. والثاني: أن الكلمة كتاب الله وآياته، وهو قول أبي عبيدة في آخرين. ووجهه أن العرب تقول: أنشدني فلان كلمة، أي: قصيدة.

وفي معنى السيد ثمانية أقوال: أحدها: أنه الكريم على ربه، قاله ابن عباس، ومجاهد. والثاني:

أنه الحليم التقي، روي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال الضحاك. والثالث: أنه الحكيم، قاله الحسن وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء وأبو الشعثاء والربيع ومقاتل. والرابع: أنه الفقيه العالم، قاله سعيد بن المسيب. والخامس: أنه التقي، رواه سالم عن ابن جبير. والسادس: أنه الحَسَن الخلق، رواه أبو روق عن الضحاك. والسابع: أنه الشريف، قاله ابن زيد. والثامن: أنه الذي يفوق قومَه في الخير، قاله الزجاج. وقال ابن الأنباري: السيد هاهنا الرئيس، والإمام في الخير.

فأما «الحصور» فقال ابن قتيبة: هو الذي لا يأتي النساء، وهو فعول بمعنى مفعول، كأنه محصور عنهن، أي: محبوس عنهن. وأصل الحصر: الحبس. ومما جاء على «فعول» بمعنى «مفعول» : ركوب بمعنى مركوب، وحلوب بمعنى محلوب، وهيوب بمعنى مهيب، واختلف المفسرون لماذا كان لا يأتي النساء؟ على أربعة أقوال: أحدها: أنه لم يكن له ما يأتي به النّساء.

(١٧٨) فروى عمرو بن العاص عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا


ضعيف جدا، والصحيح موقوف. أخرجه ابن أبي حاتم كما في ابن كثير ١/ ٣٦٩ من حديث عمرو بن العاص مرفوعا. وقال ابن كثير: هذا غريب جدا، ثم كرره ابن أبي حاتم موقوفا وهو أصح من المرفوع وأخرجه من حديث أبي هريرة اه. قلت وفي إسناد حديث أبي هريرة حجاج بن سليمان قال أبو زرعة: منكر الحديث.
انظر الميزان، ورجّح السيوطي في «الدر» ٢/ ٢٢ الوقف فيه ومع ذلك هو منكر، وهو من الإسرائيليات، فإن ابن عمرو روى عن أهل الكتاب، وهذا منها. وانظر «تفسير القرطبي» ١٦٦٦، ويأتي تفصيل ذلك في سورة مريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>