للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقاتل. والرابع: ابن سبعين، حكاه فضيل بن غزوان. والخامس: ابن خمس وستين. والسادس: ابن ستين، حكاهما الزجاج. قال اللغويون: والعاقر من الرجال والنساء: الذي لا يأتيه الولد، وإنما قال:

«عاقر» ولم يقل: عاقرة، لأن الأصل في هذا الوصف للمؤنث، والمذكر فيه كالمستعار، فأجري مجرى «طالق» و «حائض» ، هذا قول الفرّاء.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٤١]]

قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)

قوله تعالى: رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً أي: علامة على وجود الحمل. وفي علة سؤاله «آية» قولان:

أحدهما: أن الشيطان جاءه، فقال: هذا الذي سمعت من صوت الشيطان، ولو كان من وحي الله، لأوحاه إليك، كما يوحي إليك غيره، فسأل الآية، ذكره السدي عن أشياخه. والثاني: أنه إنما سأل الآية على وجود الحمل ليبادر بالشكر، وليتعجل السرور، لأن شأن الحمل لا يتحقق بأوله فجعل الله آية وجود الحمل حبس لسانه ثلاثة أيام. فأما «الرَمز» فقال الفراء: الرمز بالشفتين، والحاجبين، والعينين، وأكثره في الشفتين. قال ابن عباس: جعل يكلم الناس بيده، وإنما منع من مخاطبة الناس ولم يحبس عن الذكر لله تعالى. وقال ابن زيد: كان يذكر الله، ويشير إلى الناس. وقال عطاء بن السائِب: اعتُقِلَ لسانه من غير مرض. وجمهور العلماء على أنه إنما اعتقل لسانه آيةً على وجود الحمل. وقال قتادة، والربيع بن أنس: كان ذلك عقوبةً له إذ سأل الآية بعد مشافهة الملائكة بالبشارة.

قوله تعالى: وَسَبِّحْ قال مقاتل: صل. قال الزجاج: يقال: فرغت من سُبحتي، أي: من صلاتي. وسمّيت الصلاة تسبيحاً، لأن التسبيح تعظيم الله، وتبرئته من السوء، فالصلاة يوصف فيها بكل ما يبرئه من السوء. قوله تعالى: بِالْعَشِيِّ العشي: من حين نزول الشمس إلى آخر النهار وَالْإِبْكارِ ما بين طلوع الفجر إلى وقت الضحى: قال الشاعر:

فلا الظلَّ في بَردِ الضُّحى تَسْتَطِيعُهُ ... ولا الفيءَ مِن بردِ العشيّ يذوق

قال الزجاج: يقال: أبكر الرجل يبكر إِبكاراً، وبكر يبكر تبكيراً، وبكر يبكر في كل شيء تقدّم فيه.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٤٢]]

وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ (٤٢)

قوله تعالى: وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ، قال جماعة من المفسرين: المراد بالملائكة: جبريل وحده، وقد سبق معنى الاصطفاء. وفي المراد بالتطهير هاهنا أربعة أقوال: أحدها:

أنه التطهير من الحيض، قاله ابن عباس. وقال السدي: كانت مريم لا تحيض. وقال قوم: من الحيض والنفاس. والثاني: من مس الرجال، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث: من الكفر، قاله الحسن ومجاهد. والرابع: من الفاحشة والإثم، قاله مقاتل. وفي هذا الاصطفاء الثاني أربعة أقوال: أحدها: أنه تأكيد للأول. والثاني: أن الأول للعبادة. والثاني لولادة عيسى عليه السلام. والثالث: أن الاصطفاء الأول اختيار مبهمَ، وعموم يدخل فيه صوالح من النساء، فأعاد الاصطفاء لتفضيلها على نساء العالمين.

والرابع: أنه لما أطلق الاصطفاء الاول، أبان بالثاني أنها مصطفاة على النساء دون الرجال. قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>