للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدٌ، ومثله في المعنى: أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ «١» . وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرّف: «إن يؤتى» ، بكسر الهمزة، على معنى: ما يؤتى.

وفي قوله تعالى أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قولان: أحدهما: أن معناه: ولا تصدقوا أنهم يحاجوكم عند ربكم، لأنهم لا حجة لهم، قاله قتادة. والثاني: أن معناه: حتى يحاجوكم عند ربكم على طريق التعبّد، كما يقال: لا يلقاه أو تقوم الساعة، قاله الكسائي.

قوله تعالى: إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ قال ابن عباس: يعني النبوة، والكتاب، والهدى يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ لا ما تمنَّيتموه أنتم يا معشر اليهود من أنه لا يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٤]]

يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)

قوله تعالى: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ في الرحمة ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الإسلام، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني: النبوة، قاله مجاهد. والثالث: القرآن والإسلام، قاله ابن جريج.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٥]]

وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)

قوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ قال ابن عباس: أودع رجل ألفا ومائتي أوقيه من ذهب عبد الله بن سلام، فأداها إليه، فمدحه الله بهذه الآية، وأودع رجل فنحاصَ بن عازوراء ديناراً، فخانه «٢» . وأهل الكتاب: اليهود. وقد سبق الكلام في القنطار. وقيل. إِن «الباء» في قوله: «بقنطارٍ» بمعنى «على» . فأما الدينار، فقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: الدينار فارسي معرّب، وأصله: دِنّار، وهو وإِن كان معرباً، فليس تعرف له العرب اسماً غير الدينار، فقد صار كالعربيّ، ولذلك ذكره الله عزّ وجلّ في كتابه، لأنه خاطبهم بما عرفوا، واشتقوا منه فِعلاً، فقالوا: رجل مُدَنَّر:

كثير الدنانير. وبرذون «٣» مدنّر: أشهب مستدير النقش ببياض وسواد. فان قيل: لم خصَّ أهل الكتاب بأن فيهم خائناً وأميناً والخلق على ذلك، فالجواب: أنهم يخونون المسلمين استحلالا لذلك، وقد بيّته في قوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ فحذّر منهم. وقال مقاتل: الأمانة إلى من أسلم منهم، والخيانة إلى من لم يسلم. وقيل: إن الذين يؤدون الأمانة: النصارى، والذين لا يؤدونها: اليهود.

قوله تعالى: إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: دُمتَ ودُمتم، ومُت ومُتم، وتميم يقولون: مِت ودِمت بالكسر، ويجتمعون في «يفعل» يدوم ويموت. وفي هذا القيام


(١) البقرة: ٧٦.
(٢) لا أصل له، ذكره البغوي في «تفسيره» ٣١٧ (آل عمران: ٧٥) عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس، وجويبر متروك، والضحاك لم يلق ابن عباس، فالخبر باطل، وذكره القرطبي في «تفسيره» ٤/ ١١٤ بدون سند. وكذلك ذكره في «الكشاف» ١/ ٤٠١ بدون سند.
(٣) في «اللسان» : برذون: دابة معروفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>