للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولان: أحدهما: أنه التقاضي، قاله مجاهد، وقتادة، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. قال ابن قتيبة:

والمعنى: ما دمت مواظباً بالاقتضاء له والمطالبة. وأصل هذا أن المطالب بالشيء يقوم فيه ويتصرَّف والتارك له يقعد عنه، قال الأعشى:

يقوم على الرَّغم في قومه ... فيعفو إِذا شاء أو ينتقم

أي: يطالب بالذّحل «١» ولا يقعد عنه. قال تعالى: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ «٢» أي: عاملة غير تاركة، وقال تعالى: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ «٣» أي: آخذ لها بما كسبت. والثاني: أنه القيام حقيقة، فتقديره: إلا ما دمت قائماً على رأسه، فإنه يعترف بأمانته، فاذا ذهبت ثم جئت، جحدك، قاله السدي.

قوله تعالى: ذلِكَ يعني: الخيانة. والسبيل: الإثم والحرج، ونظيره ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ «٤» قال قتادة: إنما استحل اليهود أموال المسلمين، لأنهم عندهم ليسوا أهل كتاب.

قوله تعالى: وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ قال السدي: يقولون: قد أحلّ الله لنا أموال العرب.

وفي قوله تعالى: وَهُمْ يَعْلَمُونَ قولان: أحدهما: يعلمون أن الله قد أنزل في التوراة الوفاء، وأداء الأمانة. والثاني: يقولون الكذب، وهم يعلمون أنه كذب.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٦]]

بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٦)

قوله تعالى: بَلى ردّ الله عزّ وجلّ عليهم قولهم: لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ بقوله: بَلى قال الزجاج: وهو عندي وقف التمام، ثم استأنف، فقال: مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ، ويجوز أن يكون استأنف جملة الكلام بقوله: بَلى مَنْ أَوْفى. والعهد: ما عاهدهم الله عزّ وجلّ عليه في التّوراة. وفي «هاء» بِعَهْدِهِ قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى الله تعالى. والثاني: إلى الموفي.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٧٧]]

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧)

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا في سبب نزولها ثلاثة أقوال:

(١٨٥) أحدها: أن الأشعث بن قيس خاصم بعض اليهود في أرض، فجحده اليهودي فقدّمه إلى


صحيح. أخرجه البخاري ٢٣٥٦ و ٢٣٥٧ و ٢٦٧٦ و ٢٦٧٧ و ٤٥٤٩ و ٤٥٥٠ و ٦٦٥٩، و ٦٦٦٠، و ٦٦٧٦ و ٦٦٧٧ و ٧١٨٣ و ٧١٨٤ ومسلم ١٣٨ والشافعي ٢/ ٥١ وأحمد ١/ ٤٤ و ٥/ ٢١٢ والطيالسي ٢٦٢ و ١٠٥١ وأبو داود ٣٢٤٣ والترمذي ١٢٦٩ وابن ماجة ٢٣٢٣ والطبري ٧٢٧٩ والواحدي في «أسباب النزول» ٢١٦ والبغوي ١/ ٣١٨ وابن حبان ٥٠٨٤ والبيهقي ١٠/ ٤٤ من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان قال: فقال الأشعث:
فيّ والله كان ذلك. كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني، فقدمته إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ألك بينة» قلت لا. قال، فقال لليهودي: «احلف» . قال قلت: يا رسول الله إذا يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا إلى آخر الآية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>