للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليزيدي، وشجاع، والجعفي، وعبد الوارث، عن أبي عمرو: «تسّاءلون» بالتشديد. وقرأ عاصم، وحمزة والكسائي، وكثير من أصحاب أبي عمرو عنه بالتخفيف. قال الزجاج: الأصل: تتساءلون، فمن قرأ بالتشديد. أدغم التاء في السين، لقرب مكان هذه من هذه، ومن قرأ بالتخفيف، حذف التاء الثانية لاجتماع التاءين. وفي معنى «تساءلون به» ثلاثة أقوال: أحدها: تتعاطفون به، قاله ابن عباس. والثاني:

تتعاقدون، وتتعاهدون به. قاله الضحاك، والربيع. والثالث: تطلبون حقوقكم به، قاله الزجاج.

فأما قوله «والأرحام» فالجمهور على نصب الميم على معنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفسّرها على هذا ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسُّدّي، وابن زيد. وقرأ الحسن، وقتادة، والأعمش، وحمزة بخفض الميم على معنى: تساءلون به وبالأرحام، وفسرها على هذا الحسن، وعطاء والنخعي. وقال الزجاج: الخفض في «الأرحام» خطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار الشعر، وخطأ في الدين، لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:

(٢٥٥) «لا تحلفوا بآبائِكم» ، وذهب إلى نحو هذا الفرّاء، وقال ابن الأنباري: إِنما أراد، حمزة الخبر عن الأمر القديم الذي جرت عادتهم به، فالمعنى: الذي كنتم تساءلون به وبالأرحام في الجاهلية.

قال أبو علي: من جر، عطف على الضمير المجرور بالباء، وهو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال، فترك الأخذ به أحسن.

فأما الرقيب، فقال ابن عباس، ومجاهد: الرقيب: الحافظ. وقال الخطابي: هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء، وهو في نعوت الآدميين الموكل بحفظ الشيء، المترصد له، المتحرز عن الغفلة فيه، يقال منه: رقبت الشيء أرقبه رقبة.

[[سورة النساء (٤) : آية ٢]]

وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (٢)

قوله تعالى: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ.

(٢٥٦) سبب نزولها: أن رجلاً من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ، طلب ماله فمنعه، فخاصمه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنزلت، قاله سعيد بن جبير.

والخطاب بقوله تعالى: «وآتوا» للأولياء والأوصياء. قال الزجاج: وإِنما سموا يتامى بعد البلوغ، بالاسم الذي كان لهم، وقد كان يقال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: يتيم أبي طالب.

قوله تعالى: وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ، قرأ ابن محيصن: «تبدلوا» بتاء واحدة. ثم في معنى الكلام قولان: أحدهما: أنه إِبدال حقيقة، ثم فيه قولان: أحدهما: أنه أخذ الجيّد، وإعطاء الرديء


صحيح. أخرجه البخاري ٣٨٣٦ و ٦٦٤٨ ومسلم ١٦٤٦ وأحمد ٢/ ٢٠- ٤٢- ٧٦ من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله، فكانت قريش تحلف بآبائها فقال: لا تحلفوا بآبائكم» . وانظر «تفسير القرطبي» ١٩٩١ بتخريجنا.
عزاه السيوطي في «الدر» ٢/ ٢٠٧ لابن أبي حاتم عن ابن جبير، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٩١ بدون إسناد عن مقاتل والكلبي وعزاه ابن حجر في «تخريج الكشاف» ١٩٩٩ للثعلبي وقال: وسنده إليهما مذكور أول الكتاب- أي كتاب الثعلبي- وسكت الحافظ عليه. وهو معضل، والكلبي متروك متهم، ومقاتل إن كان ابن سليمان، فهو كذاب، وإن كان ابن حيان، فإنه صدوق فيه ضعف وقد روى مناكير كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>