للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ أمهات النساء: يحرَّمن بنفس العقد على البنت، سواء دخل بالبنت، أو لم يدخل، وهذا قول عمر، وابن مسعود، وابن عمر، وعمران بن حصين ومسروق، وعطاء، وطاوس، والحسن، والجمهور. وقال عليّ رضي الله عنه في رجل طلق امرأته قبل الدخول:

له أن يتزوج أمها، وهذا قول مجاهد، وعكرمة «١» .

قوله تعالى: وَرَبائِبُكُمُ الرّبيبة: بنت امرأة الرّجل من غيره. ومعنى الربيبة: مربوبة، لأن الرجل يربّيها، وخرج الكلام على الأعم من كون التربية في حجر الرجل، لا على الشرط «٢» .

قوله تعالى: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ قال الزجاج: الحلائل: الأزواج. وحليلة بمعنى محلّة، وهي


(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ٩/ ٥١٥- ٥١٦: من تزوج امرأة حرّم عليه كل أمّ لها، من نسب أو رضاع، قريبة أو بعيدة بمجرد العقد. نص عليه أحمد. وهو قول أكثر أهل العلم، منهم، ابن مسعود، وابن عمر، وجابر، وعمران بن حصين وكثير من التابعين. وبه يقول مالك والشافعي، وأصحاب الرأي، وحكي عن علي رضي الله عنه أنها لا تحرم إلا بالدخول بابنتها، كما لا تحرم ابنتها إلا بالدخول. ولنا، قول الله تعالى وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ والمعقود عليها من نسائه فتدخل أمها في عموم الآية. قال ابن عباس: أبهموا ما أبهم القرآن، يعني غمّموا حكمها في كل حال، ولا تفصلوا بين المدخول بها وبين غيرها. وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تزوج امرأة، فطلقها قبل أن يدخل بها، فلا بأس أن يتزوج ربيبته، ولا يحلّ له أن يتزوج أمها» . رواه أبو حفص بإسناده. وقال زيد: تحرّم بالدخول أو بالموت، لأنه يقوم مقام الدخول. وقد ذكرنا ما يوجب التحريم مطلقا. وحديث علي رضي الله عنه، أخرجه الطبري ٨٩٥٢ عن خلاس بن عمرو عن علي مرسلا. [.....]
(٢) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ٥١٦- ٥١٧ روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما، أنهما رخصا فيها إذا لم تكن في حجره وهو قول داود. قال ابن المنذر: وقد أجمع علماء الأمصار على خلاف هذا القول.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأم حبيبة: «لا تعرضن علي بناتكن، ولا أخواتكن» . لأن التربية لا تأثير لها في التحريم كسائر المحرمات. وأما الآية فلم تخرج مخرج الشرط، وإنما وصفها بذلك تعريفا لها بغالب حالها، وما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسّك بمفهومه. وإن لم يدخل بالمرأة لم تحرّم عليه بناتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>