للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية: أتريدون أن تجعلوا لله عليكم بموالاة الكافرين حجة بيِّنة تلزمكم عذابه، وتكسبكم غضبه؟

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٥]]

إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥)

قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: بفتح الراء، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف: بتسكين الراء. قال الفراء: وهي لغتان. قال أبو عبيدة: جهنم أدراك، أي: منازلٌ، وأطباق. فكل منزل منها: درك. وحكى ابن الأنباري عن بعض العلماء أنه قال: الدركات: مراق، بعضها تحت بعض. وقال الضحاك: الدرج: إِذا كان بعضها فوق بعضها، والدرك: إِذا كان بعضها أسفل من بعض. وقال ابن فارس: الجنة درجات، والنار دركات.

وقال ابن مسعود في هذه الآية: هم في توابيت من حديد مبهمة عليهم. قال ابن الأنباري: المبهمة:

التي لا أقفال عليها، يقال: أمرٌ مبهم: إذا كان ملتبسا ولا يعرف معناه، ولا بابه.

قوله تعالى: وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً قال ابن عباس: مانعاً من عذاب الله.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٦]]

إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦)

قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا قال مقاتل: سبب نزولها: أن قوماً قالوا عند ذكر مستقر المنافقين: فقد كان فلان وفلان منافقين، فتابوا، فكيف يُفْعَل بهم؟ فنزلت هذه الآية «١» . ومعنى الآية:

إِلا الذين تابوا من النفاق وَأَصْلَحُوا أعمالهم بعد التوبة وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ أي: استمسكوا بدينه.

وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ فيه قولان:

أحدهما: أنه الإِسلام، وإِخلاصه: رفع الشرك عنه، قاله مقاتل.

والثاني: أنه العمل، وإِخلاصه: رفع شوائِب النفاق والرياء منه، قاله أبو سليمان الدمشقي.

قوله تعالى: فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ في «مع» قولان:

أحدهما: أنها على أصلها، وهو الاقتران. وفي ماذا اقترنوا بالمؤمنين؟ فيه قولان:

أحدهما: في الولاية، قاله مقاتل. والثاني: في الدين والثواب. قاله أبو سليمان.

والثاني: أنها بمعنى «مِن» فتقديره: فأولئك من المؤمنين، قاله الفراء.

[[سورة النساء (٤) : آية ١٤٧]]

ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧)

قوله تعالى: ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ «ما» حرف استفهام، ومعناه: التقرير، أي: إِن الله لا يعذِّب الشاكر المؤمن، ومعنى الآية: ما يصنع الله بعذابكم إِن شكرتم نعمه، وآمنتم به وبرسوله.

والإيمان مقدّم في المعنى وإِن أخِّر في اللفظ. وروي عن ابن عباس أن المراد بالشكر: التوحيد. قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً أي: للقليل من أعمالكم، عليما بنيّاتكم، وقيل: شاكرا، أي: قابلا.


(١) عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط، وتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>