للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم، رواه ابن [أبي نجيح] «١» عن مجاهد، وقد ذكرت أقوال من كلمات الاعتذار تقارب هذا المعنى.

قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْهِ. أصل التوبة: الرجوع، فالتوبة من آدم: رجوعه عن المعصية، وهي من الله تعالى: رجوعه عليه بالرحمة، والثواب الذي كلما تكررت توبة العبد تكرر قبوله، وإنما لم تذكر حواء في التوبة، لأنه لم يجر لها ذكر، لا أن توبتها لم تقبل. وقال قوم: إذا كان معنى فعل الاثنين واحداً جاز أن يذكر أحدهما ويكون المعنى لهما كقوله تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ «٢» ، وقوله: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى «٣» .

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٨]]

قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)

قوله تعالى: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً. في إعادة ذكر الهبوط- وقد تقدم- قولان:

أحدهما: أنه أعيد لأن آدم أهبط إِهباطين، أحدهما من الجنة إلى السماء، والثاني من السماء إلى الأرض. وأيهما الاهباط المذكور في هذه الآية؟ فيه قولان.

والثاني: أنه إِنما كرر الهبوط توكيداً.

قوله تعالى: فَأَمَّا، قال الزجاج: هذه «إِن» التي للجزاء، ضمت إليها «ما» ، والأصل في اللفظ «إِن ما» مفصولة، ولكنها مدغمة، وكتبت على الإدغام، فاذا ضمت «ما» إلى «إِن» لزم الفعل النون الثقيلة أو الخفيفة. وإنما تلزمه النون لأن «ما» تدخل مؤكدة، ودخلت النون مؤكدة أيضاً، كما لزمت اللام النون في القسم في قولك: والله لتفعلن، وجواب الجزاء الفاء.

وفي المراد ب «الهدى» ها هنا قولان: أحدهما: أنه الرسول، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني:

الكتاب، حكاه بعض المفسرين.

قوله تعالى: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ. وقرأ يعقوب «فلا خوفَ» بفتح الفاء من غير تنوين، وقرأ ابن محيصن بضم الفاء من غير تنوين. والمعنى: فلا خوف عليهم فيما يستقبلون من العذاب، ولا هم يحزنون عند الموت. والخوف لأمر مستقبل، والحزن لأمر ماض.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٩]]

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩)

قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا، في «الآية» ثلاثة أقوال: أحدها: أنها العلامة، فمعنى آية: علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها والذي بعدها، قال الشاعر:

ألا أبلغ لديك بني تميم ... بآية ما يحبون الطعاما

وقال النابغة:

توهمت آيات لها فعرفتها ... لستة أعوام وذا العام سابع


(١) في النسخ «ابن كثير» والمثبت عن الطبري ٧٨٨ فابن أبي نجيح هو راويه عن مجاهد، بل لمجاهد تفسير مطبوع متداول هو من رواية ابن أبي نجيح.
(٢) التوبة: ٦٣.
(٣) طه: ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>