للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم بين ظهرانيهم. وفي الذي آتاهم ثلاثة أقوال: أحدها: المن والسّلوى والحجر والغمام، رواه مجاهد عن ابن عباس وقال به. والثاني: أنه الدار والخادم والزوجة، رواه عطاء عن ابن عباس. قال ابن جرير:

ما أُوتي أحد من النِّعم في زمان قوم موسى ما أُوتوا. والثالث: كثرة الأنبياء فيهم، ذكره الماورديّ.

والثاني: أن الخطاب لأمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهذا مذهب سعيد بن جبير وأبي مالك.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٢١]]

يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١)

قوله تعالى: يا قَوْمِ ادْخُلُوا وقرأ ابن محيصن: «يا قوم ادخلوا» بضمّ الميم، وكذلك «يا قوم اذكروا» و «يا قوم اعبدوا» «١» . وفي معنى الْمُقَدَّسَةَ قولان:

أحدهما: المطهرة، قاله ابن عباس، والزجاج. قال: وقيل للسطل: القَدَس، لأنهُ يتطهّر منه، وسُمّي بيت المقدس، لأنه يتطهر فيه من الذنوب. وقيل: سمّاها مقدّسة، لأنها طهرت من الشرك، وجعلت مسكناً للأنبياء والمؤمنين. والثاني: أن المقدَّسة: المباركة، قاله مجاهد.

وفي المراد بتلك الأرض أربعة أقوال: أحدها: أنها أريحا: رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال السدي، وابن زيد. قال السدي: أريحا هي أرض بيت المقدس. وروي عن الضحاك أنه قال: المراد بهذه الأرض إيلياء وبيت المقدس. قال ابن قتيبة: وقرأت في مناجاة موسى أنه قال: اللهم إِنَّك اخترت من الأنعام الضائنة، ومن الطير الحمامة، ومن البيوت بكة وإِيلياء ومن إِيلياء بيت المقدس، فهذا يدل على أن إِيلياء الأرض التي فيها بيت المقدس، وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي أن إِيلياء بيت المقدس، وهو معرَّب. قال الفرزدق:

وبيتانِ بَيْتُ الله نحْنُ ولاته ... وبيت بأعلى إيلياء مشرّف

والثاني: أنها الطور وما حوله، رواه مجاهد عن ابن عباس وقال به. والثالث: أنها دمشق وفلسطين وبعض الأردُن، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: أنها الشام كلها، قاله قتادة.

وفي قوله تعالى: الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بمعنى أمرَكم وفرض عليكم دخولها، قاله ابن عباس، والسدي. والثاني: أنه بمعنى: وهبها الله لكم، قاله محمد بن إِسحاق. وقال ابن قتيبة: جعلها لكم. والثالث: كتب في اللوح المحفوظ أنها مساكنكم.

فإن قيل: كيف قال: فإنها محرمة عليهم، وقد كتبها لهم؟ فعنه جوابان:

أحدهما: أنه إِنما جعلها لهم بشرط الطاعة، فلما عصَوْا حرَّمها عليهم.

والثاني: أنه كتبها لبني إِسرائيل، وإِليهم صارت، ولم يعنِ موسى أن الله كتبها للذين أُمِرُوا بدخولها بأعيانهم. قال ابن جرير: ويجوز أن يكون الكلام خرج مخرج العموم، وأُريد به الخصوص فتكون مكتوبة لبعضهم، وقد دخلها يوشع، وكالب.

قوله تعالى: وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فيه قولان:

أحدهما: لا ترجعوا عن أمر الله إِلى معصيته. والثاني: لا ترجعوا إلى الشّرك به.


(١) سورة الأعراف: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>