للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ترى إنسانا يحب غاوياً، فاذا وقع في هَلَكَةٍ تبرأ منه فيقول: ما كانت محبتك لفلان إِلا أن انتفيت منه. قال: وهذا تأويل لطيف، لا يعرفه إلا من عرف معاني الكلام، وتصرُّفَ العربِ في ذلك. وقال ابن الأنباري: المعنى: أنهم افتتنوا بقولهم هذا، إذ كذبوا فيه، ونفوَا عن أنفسهم ما كانوا معروفين به في الدنيا.

قوله تعالى: إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: «واللهِ ربِّنا» بكسر الباء. وقرأ حمزة، والكسائيّ، وخلف: بنصب الباء. وفي هؤلاء القوم الذين هذا وصفهم قولان «١» : أحدهما: أنهم المشركون. والثاني: المنافقون.

ومتى يحلفون؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا من كان مسلماً، قالوا:

تعالوا نكابر عن شركنا، فحلفوا، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم إذا دخلوا النار، ورأوا أهل التّوحيد يخرجون، فحلفوا واعتذروا، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد. والثالث: أنهم إذا سئلوا: أين شركاؤكم؟

تبرؤوا، وحلفوا: ما كنا مشركين، قاله مقاتل.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٢٤]]

انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)

قوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أي: باعتذارهم بالباطل. وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ أي: ذهب ما كانوا يدّعون ويختلقون من أن الاصنام شركاء لله، وشفعاؤهم في الآخرة.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦)

قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ.

(٥٠١) سبب نزولها: أن نفراً من المشركين، منهم عتبة، وشيبة، والنضر بن الحارث، وأُميَّةُ وأُبيّ ابنا خلف، جلسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمعوا إليه، ثم قالوا للنضر بن الحارث: ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعلها بَِنيَّةً، ما أدري ما يقول؟ إلا أني أرى تحرك شفتيه، وما يقول إلا أساطير الأولين، مثلما كنت أحدثكم عن القرون الماضية وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأولى، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

فأما «الأكنّة» ، فقال الزجاج: هي جمع كنان، وهو الغطاء مثل عنان وأعنّة.


عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وهي رواية ساقطة. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٢٥. تعليقا بقوله: قال ابن عباس في رواية أبي صالح ... فذكره فهذه علة وثمّ علة ثانية: أبو صالح، اسمه باذام ضعفه غير واحد، ولم يلق ابن عباس وذكره الواحدي في «الوسيط» ٢/ ٢٦١ بقوله: نزلت. من غير عزو لقائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>