للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفونه، قاله المبرد. والرابع: بدا للأتباع ما كان يُخفيه الرؤساء، قاله الزجاج.

قوله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ قال ابن عباس: لعادوا إلى ما نُهوا عنه من الشرك، وإنهم لكاذبون في قولهم: وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. قال ابن الانباري: كذَّبهم الله في إخبارهم عن أنفسهم أنهم إن رُدُّوا آمنوا ولم يكذبوا، ولم يكذِّبْهم في التمني.

قوله تعالى: وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا هذا إِخبار عن منكري البعث.

(٥٠٥) قال مقاتل: لما أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم كفار مكة بالبعث، قالوا هذا. وكان عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: هذا حكاية قولهم، لو ردوا لقالوا «١» .

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣٠]]

وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)

قوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قال مقاتل: عُرِضُوا على ربهم قالَ أَلَيْسَ هذا العذاب بِالْحَقِّ. وقال غيره: أليس هذا البعث حقا؟ فعلى قول مقاتل: بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بالعذاب، وعلى قول غيره: تَكْفُرُونَ بالبعث.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ٣١]]

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١)

قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ إنما وُصِفُوا بالخسران، لأنهم باعوا الإيمان بالكفر، فعظم خسرانهم. والمراد بلقاء الله: البعث والجزاء والساعة: القيامة والبغتة: الفجأة. قال الزجاج:

كلُّ ما أتى فجأة فقد بغت يقال: قد بغته الأمر يَبْغَتُه بَغْتاً وبغتةً: إذا أتاه فجأة. قال الشاعر:

وَلكَِنَّهم بانُوا وَلَمْ أَخْشَ بَغْتَةً ... وَأَفْظَعُ شيءٍ حِينَ يَفْجَؤُكَ البَغْتُ «٢»

قوله تعالى: يا حَسْرَتَنا الحسرة: التلهف على الشيء الفائت، وأهل التفسير يقولون: يا ندامتنا.

فإن قيل: ما معنى دعاء الحسرة، وهي لا تعقِلُ؟ فالجواب: أن العرب إذا اجتهدت في المبالغة في الإخبار عن عظيم ما تقع فيه، جعلته نداءً، فتدخِلُ عليه «يا» للتنبيه، والمراد تنبيه الناس، لا تنبيه المنادي. ومثله قولهم: لا أرينّك ها هنا. لفظه لفظ الناهي لنفسه، والمعنى للمنهي ومن هذا قولهم:

يا خَيْلَ الله اركبي، يراد: يا فرسان خيل الله. وقال سيبويه: إذا قلتَ: يا عجباه، فكأنك قلت: احضر وتعال يا عَجَبُ، فهذا زمانك. فأما التفريط فهو: التضييع. وقال الزجاج: التفريط في اللغة: تقدمه العجز. وفي المكني عنه بقوله: «فيها» ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الدنيا، فالمعنى: على ما ضيعنا في الدنيا من عمل الآخرة، قاله مقاتل. والثاني: أنها الصَّفقة، لأن الخسران لا يكون إلّا في صفقة، وترك


عزاه المصنف لمقاتل، وهو ساقط الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>