للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فيه قولان:

أحدهما: أن الذي فوقهم: العذاب النازل من السماء، كما حُصب قوم لوط، وأصحاب الفيل. والذي من تحت أرجلهم: كما خُسف بقارون، قاله ابن عباس، والسدي، ومقاتل. وقال غيرهم: ومنه الطوفان، والريح، والصيحة، والرجفة. والقول الثاني: أن الذي من فوقهم: من قِبَل أمرائهم. والذي من تحتهم من سَفَلتهم، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال في رواية أخرى: الذي من فوقهم: أئمة السوء والذي من تحت أرجلهم: عبيد السوء.

قوله تعالى: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً قال ابن عباس: يَبُثُّ فيكم الأهواء المختلفة، فتصيرون فِرَقاً. قال ابن قتيبة: يلبسكم: من الالتباس عليهم. والمعنى: حتى تكونوا شِيعَاً، أي: فرقا مختلفين. ثم يذيق بعضكم بأس بعض بالقتال والحرب. وقال الزجاج: يلبسكم، أي: يخلط أمركم خلط اضطراب، لا خلط اتفاق. يقال: لَبَسْتُ عليهم الأمر، ألبسه: إذا لم أبيِّنه. ومعنى شيعاً: أي يجعلكم فرقاً، فاذا كنتم مختلفين، قاتل بعضكم بعضاً.

قوله تعالى: وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أي: يقتل بعضكم بيد بعض.

وفيمن عُني بهذه الآية، ثلاثة أقوال: أحدها: أنها في المسلمين أهل الصلاة، هذا مذهب ابن عباس، وأبي العالية، وقتادة.

(٥٢٨) وقال أُبي بن كعب في هذه الآية: هن أربع خلال، وكلُّهن عذاب، وكلُّهن واقع قبل يوم القيامة، فمضت اثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، أُلبسوا شيعاً، وأذيق بعضهم بأس بعض. وثنتان واقعتان لا محالة: الخسف، والرجم.

والثاني: أن العذاب للمشركين، وباقي الآية للمسلمين، قاله الحسن.

(٥٢٩) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سألت ربي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، سألته أن لا يصيبكم بعذاب أصابه مَن كان قبلكم، فأعطانيها، وسألته إن لا يسلِّط عليكم عدواً يستبيح بيضتكم، فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، فمنعنيها» .

والثالث: أنها تهدُّدٌ للمشركين، قاله ابن جرير الطّبريّ، وأبو سليمان الدّمشقي.


موقوف. أخرجه أحمد ٥/ ١٣٥ عن أبي بن كعب موقوفا، وإسناده غير قوي، فيه أبو جعفر الرازي، وهو صدوق، لكنه سيء الحفظ. وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧/ ٢١ وقال رواه أحمد ورجاله ثقات.
صحيح. أخرجه مسلم ٢٨٩٠ وابن أبي شيبة ١٠/ ٣٢٠ وأحمد ١/ ١٧٥ و ١٨١ و ١٨٢، وأبو يعلى ٧٣٤ وابن حبان ٧٢٣٧ من حديث سعد، وبعضهم اختصره. وأخرجه الطبري ٣٣٧٠ رواية نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه أن النبي.. وفي الباب أحاديث منها: حديث ثوبان عند مسلم ٢٨٨٩ وأبو داود ٤٢٥٢ والترمذي ٢١٧٦ وابن ماجة ٣٩٥٢ وأحمد ٥/ ٢٧٨ و ٢٨٤ وابن حبان ٧٢٣٨ والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ٥٢٦- ٥٢٧ والبغوي ٣٩١٠. وحديث خباب بن الأرت عند الترمذي ٢١٧٥ والنسائي ٣/ ٢١٦- ٢١٧ وأحمد ٥/ ١٠٨ و ١٠٩ وابن حبان ٧٢٣٦ والمزي في تهذيب «الكمال» ١٤/ ٤٤٧- ٤٤٨ والطبراني ٣٦٢١ و ٣٦٢٢ و ٣٦٢٤ و ٣٦٢٦. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>