للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزجاج: معنى الصابئين: الخارجون من دين إلى دين، يقال: صبأ فلان: إذا خرج من دينه. وصبأت النجوم: إذا طلعت، وصبأ نابُه: إِذا خرج. وفي الصابئين سبعة أقوال: أحدها: أنه صنف من النصارى ألين قولاً منهم، وهم السائحون المحلَّقة أوساط رؤوسهم، روي عن ابن عباس. والثاني: أنهم قوم بين النصارى والمجوس، ليس لهم دين، قاله مجاهد. والثالث: أنهم قوم بين اليهود والنصارى، قاله سعيد بن جبير. والرابع: قوم كالمجوس، قاله الحسن والحكم. والخامس: فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور، قاله أبو العالية. والسادس: قوم يصلون إلى القبلة، ويعبدون الملائكة، ويقرءون الزبور، قاله قتادة. والسابع: قوم يقولون: لا إِله إلا الله، فقط، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: مَنْ آمَنَ، في إعادة ذكر الإيمان ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لما ذكر مع المؤمنين طوائف من الكفار رجع قوله: مَنْ آمَنَ إليهم. والثاني: أن المعنى من أقام على إيمانه. والثالث: أن الايمان الأول نطق المنافقين بالإسلام. والثاني: اعتقاد القلوب.

قوله تعالى: وَعَمِلَ صالِحاً. قال ابن عباس: أقام الفرائض.

فصل: وهل هذه الآية محكمة أم منسوخة؟ فيه قولان: أحدهما: أنها محكمة، قاله مجاهد والضحاك في آخرين، وقدروا فيها: إن الذين آمنوا، ومن آمن من الذين هادوا. والثاني: أنها منسوخة بقوله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ «١» ، ذكره جماعة من المفسّرين.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٦٣]]

وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٦٣)

قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ. الخطاب بهذه الآية لليهود. والميثاق: مفعال من التوثق بيمين أو عهد أو نحو ذلك من الأمور التي تؤكد القول. وفي هذا الميثاق ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه أخذ ميثاقهم أن يعملوا بما في التوراة، فكرهوا الإِقرار بما فيها، فرفع عليهم الجبل، قاله مقاتل. قال أبو سليمان الدمشقي: أعطوا الله عهداً ليعملُنَّ بما في التوراة، فلما جاء بها موسى فرأوا ما فيها من التثقيل، امتنعوا من أخذها، فرفع الطور عليهم.

والثاني: أنه ما أخذه الله تعالى على الرسل وتابعيهم من الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، ذكره الزجاج.

والثالث: ذكره الزجاج أيضاً، فقال: يجوز أن يكون الميثاق يوم أخذ الذرية من ظهر آدم.

قوله تعالى: وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، قال أَبو عبيدة: الطور في كلام العرب: الجبل. وقال ابن قتيبة: الطور: الجبل بالسريانية. وقال ابن عباس: ما أنبت من الجبال فهو طور، وما لم ينبت فليس بطور. وأي الجبال هو؟ فيه ثلاثة أَقوال: أحدها: جبل من جبال فلسطين، قاله ابن عباس. والثاني:

جبل نزلوا بأصله، قاله قتادة. والثالث: الجبل الذي تجلى له ربه، قاله مجاهد.

وجمهور العلماء على أنه إنما رفع الجبل عليهم لإبائهم التوراة. وقال السدي: لإبائهم دخول الأرض المقدّسة.


(١) آل عمران: ٨٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>