للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥٨٤) قال حذيفة: بينا أصحاب الأعراف هنالك، اطَّلع عليهم ربهم فقال لهم: ادخلوا الجنة فاني قد غفرت لكم.

والثاني: أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفّار يستهزئون بهم، كسلمان، وصهيب، وخبَّاب، فينادون الكفار: أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ وأنتم في الدنيا لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ. قاله ابن السائب «١» . فعلى هذا ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله: بِرَحْمَةٍ ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة.

وقد ذكر المفسرون في قوله: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون خطاباً من الله لأهل الأعراف، وقد ذكرناه. والثاني: أن يكون خطاباً من الله لأهل الجنة. والثالث: أن يكون خطاباً من أهل الأعراف لأهل الجنة، ذكرهما الزجاج. فعلى هذا الوجه الأخير، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ: اعلوا إلى القصور المشرفة، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة، لأنهم قد رأوهم في الجنة: وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال: يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له: الحياة، عليه قضبان الذهب مكلَّلة باللؤلؤ، فيُغمسون فيه، فيخرجون، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، ويقال لهم: تمنَّوا ما شئتم، ولكم سبعون ضعفاً، فهم مساكين أهل الجنة.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٥٠]]

وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠)

قوله تعالى: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ قال ابن عباس: لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنّة، وطمع أهل النار في الفرج بعد اليأس، فقالوا: يا رب، إن لنا قرابات من أهل الجنة، فائذن لنا حتى نراهم ونكلِّمهم، فنظروا إليهم وإلى ما هم فيه من النعيم فعرفوهم. ونظر أهل الجنّة إلى قراباتهم من أهل جهنم فلم يعرفوهم، قد اسودَّت وجوههم وصاروا خلقاً آخر، فنادى أصحابُ النار أصحاب الجنة بأسمائهم، وأخبروهم بقراباتهم، فينادي الرجل أخاه: يا أخي قد احترقتُ فأغثني فيقول:

إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ. قال السدي: عنى بقوله: أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ الطعام. قال الزّجّاج: أعلم الله عزّ وجلّ أن ابن آدمَ غيرُ مستغنٍ عن الطعام والشراب، وإن كان معذّبا.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٥١]]

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١)

قوله تعالى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً قال ابن عباس: هم المستهزئون. والمعنى:

أنهم تلاعبوا بدينهم الذي شرع لهم. وقال أبو رَوْق: دينهم: عيدهم. وقال قتادة: لَهْواً وَلَعِباً أي:

أكلاً وشرباً. وقال غيره: هو ما زيَّنه الشيطان لهم من تحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام،


موقوف. أخرجه الطبري ١٤٦٩٣ من طريق الشعبي عن حذيفة، وهو منقطع فالإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>