للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ في أهله قولان: أحدهما: ابنتاه. والثاني: المؤمنون به. إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أي: الباقين في عذاب الله تعالى: قال أبو عبيدة: وإنما قال: «من الغابرين» لأن صفة النساء مع صفة الرجال تُذكَّر إذا أشرك بينهما.

قوله تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً قال ابن عباس: يعني: الحجارة. قال مجاهد: نزل جبريل فأدخل جناحه تحت مدائن قوم لوط ورفعها ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها ثم أتبعوا بالحجارة.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٨٥]]

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥)

قوله تعالى: وَإِلى مَدْيَنَ قال قتادة: مدين: ماء كان عليه قوم شعيب، وكذلك قال الزجاج، وقال: لا ينصرف، لأنه اسم البقعة. وقال مقاتل: مدْيَن: هو ابن ابراهيم الخليل لصلبه. وقال أبو سليمان الدمشقي: مدين: هو ابن مديان بن ابراهيم، والمعنى: أرسلنا إلى ولد مدين، فعلى هذا: هو اسم قبيلة. وقال بعضهم: هو اسم للمدينة. فالمعنى: وإلى أهل مدين. قال شيخنا أبو منصور اللغوي:

مدين أسم أعجمي. فان كان عربياً، فالياء زائدة، من قولهم: مدن بالمكان: إذا أقام به.

قوله تعالى: وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ قال الزجاج: البَخْسُ: النقص والقلَّة يقال:

بَخَسْتُ أبْخَسُ بالسين، وبخصت عينه، بالصاد لا غير. وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ أي: لا تعملوا فيها بالمعاصي بعد أن أصلحها الله بالأمر بالعدل، وإرسال الرسل.

قوله تعالى: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: مصدِّقين بما أخبرتكم عن الله.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٨٦]]

وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦)

قوله تعالى: وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ أي: بكل طريق تُوعِدُونَ مَن آمن بشعيب بالشر، وتخوِّفونهم بالعذاب والقتل. فان قيل: كيف أفرد الفعل، وأخلاه من المفعول فهلاَّ قال: توعِدون بكذا؟ فالجواب: أن العرب إذا أخلت هذا الفعل من المفعول، لم يدل إلا على شر يقولون: أوعدت فلاناً. وكذلك إذا أفردوا: وعدت من مفعول، لم يدل إلا على الخير. قال الفرّاء: يقولون: وعدته خيرا، ووعدته شراً فاذا أسقطوا الخير والشر، قالوا: وعدته: في الخير، وأوعدته: في الشرّ فإذا جاءوا بالباء، قالوا: وعدته بالشرّ، وقال الراجز:

أوْعَدَنِي بالسِّجْنِ والأدَاهِمِ «١» قال المصنف: وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: إذا أرادوا أن يذكروا ما تهدَّدوا به مع أوعدت، جاءوا بالباء، فقالوا: أوعدته بالضرب، ولا يقولون: أوعدته الضّرب. قال السّدّيّ: كانوا


(١) البيت في «اللسان» غير منسوب: وعد. وعجزه [رجلي، ورجلي شثنة المناسم] .

<<  <  ج: ص:  >  >>