للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرعون وأمنتم به» فقلب همزة الاستفهام واواً، وجعل الثانية مليَّنة بين بين. وروى قنبل عن القواس مثل رواية ابن الإخريط، غير أنه كان يهمز بعد الواو. وقال أبو علي: همز بعد الواو، لأن هذه الواو منقلبة عن همزة الاستفهام، وبعد همزة الاستفهام همزة «أفَعَلْتُم» فحققها ولم يخففها.

قوله تعالى: إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ قال ابن السائب: لصنيع صنعتموه فيما بينكم وبين موسى في مصر قبل خروجكم إلى هذا الموضع لتستولوا على مصر فتخرجوا منها أهلها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ عاقبة ما صنعتم، لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وهو قطع اليد اليمنى، والرجل اليسرى. قال ابن عباس:

أول من فعل ذلك، وأوّل من صلب، فرعون.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٦ الى ١٢٨]

وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (١٢٧) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)

قوله تعالى: وَما تَنْقِمُ مِنَّا أي: وما تكره منّا شيئا، ولا تطعن علينا إلا لأنا آمنا. رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً قال مجاهد: على القطع والصلب حتى لا نرجع كفاراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ أي: مخلصين على دين موسى.

قوله تعالى: أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ هذا إِغراء من الملأِ لفرعون. وفيما أرادوا بالفساد في الأرض قولان: أحدهما: قتل أبناء القبط، واستحياء نسائهم، كما فعلوا ببني اسرائيل، قاله مقاتل. والثاني:

دعاؤهم الناس إلى مخالفة فرعون وترك عبادته. قوله تعالى: وَيَذَرَكَ جمهور القراء على نصب الراء وقرأ الحسن برفعها. قال الزجاج: من نصب «ويذرَك» نصبه على جواب الاستفهام بالواو والمعنى:

أيكون منك أن تذر موسى وأن يذرك؟ ومن رفعه جعله مستأنفاً، فيكون المعنى: أتذر موسى وقومه، وهو يذرك وآلهتك، والأجود أن يكون معطوفاً على «أتذر» فيكون المعنى: أتذر موسى، وأ يذرك موسى؟ أي: أتطلق له هذا؟ قوله تعالى: وَآلِهَتَكَ قال ابن عباس: كان فرعون قد صنع لقومه أصناماً صغاراً، وأمرهم بعبادتها، وقال أنا ربكم ورب هذه الأصنام، فذلك قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى.

وقال غيره: كان قومه يتعبّدون تلك الأصنام تقرباً إليه. وقال الحسن: كان يعبد تيساً في السر. وقيل:

كان يعبد البقر سراً. وقيل: كان يجعل في عنقه شيئا يعبده. وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو العالية، وابن محيصن: «والإِهتك» بكسر الهمزة وقصرها وفتح اللام وبألف بعدها. قال الزجاج: المعنى: ويذرك وربوبيتك وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: الإِلاهة:

العبادة فالمعنى: ويذرك وعبادة الناس إياك. قال ابن قتيبة: من قرأ: «وإِلاهتك» أراد: ويذرك والشمس التي تعبد، وقد كان في العرب قوم يعبدون الشمس ويسمونها آلهةً. قال الأعشى:

فَمَا أَذْكُرُ الرَّهْبَ حتَّى انْقَلَبْتُ ... قُبيْلَ الإلهَةِ مِنْها قَرِيْبا

يعني الشمس، والرهب: ناقته. يقول: اشتغلت بهذه المرأة عن ناقتي إلى هذا الوقت.

قوله تعالى: سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ قرأ أبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «سنقتّل»

<<  <  ج: ص:  >  >>