للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَبِهِ يَعْدِلُونَ قال الزجاج: وبالحق يحكمون. وفي المشار إليهم بهذا ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم قوم وراء الصين لم تبلغهم دعوة الإِسلام، قاله ابن عباس، والسُّدي. والثاني: أنهم من آمن بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم مثل ابن سلام وأصحابه، قاله ابن السائب. والثالث: أنهم الذين تمسكوا بالحق في زمن أنبيائهم، ذكره الماوردي.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٠ الى ١٦٢]

وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢)

قوله تعالى: وَقَطَّعْناهُمُ يعني قوم موسى، يقول: فرَّقناهم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً يعني أولاد يعقوب، وكانوا اثنى عشر ولداً، فولد كل واحد منهم سبطاً. قال الفراء: وإنما قال «اثنتي عشرة» والسبط ذكَر، لأن بعده «أُمما» فذهب بالتأنيث إلى الأمم، ولو كان «اثني عشر» لتذكير السبط، كان جائزاً. وقال الزجاج: المعنى: وقطَّعناهم اثنتي عشرة فرقة، «أسباطاً» نعت «فرقة» كأنه يقول: جعلناهم أسباطاً، وفرَّقناهم أسباطاً، فيكون «أسباطاً» بدلاً من «اثنتي عشرة» و «أُمماً» من نعت أسباط. والأسباط في ولد إسحاق بمنزلة القبائل ليُفصل بين ولد إسماعيل وبين ولد إسحاق. وقال أبو عبيدة: الأسباط:

قبائل بني إسرائيل، أحدهم: سبط. ويقال: من أي سبط أنت؟ أي: من أي قبيلة وجنس؟

قوله تعالى: فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ قال ابن قتيبة: انفجرت يقال: تبجَّس الماء، كما يقال: تفجَّر والقصة مذكورة في سورة (البقرة) .

قوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ قرأ ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «نغفر لكم خطيئاتكم» بالتاء مهموزة على الجمع. وقرأ أبو عمرو «نغفر لكم خطاياكم» مثل: قضاياكم، ولا تاء فيها. وقرأ نافع «تُغفَر» بالتاء مضمومة «خطيئاتُكم» بالهمز وضم التاء، على الجمع، وافقه ابن عامر في «تُغفَر» بالتاء المضمومة، لكنه قرأ «خطيئتكم» على التّوحيد.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٦٣]]

وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)

قوله تعالى: وَسْئَلْهُمْ يعني أسباط اليهود، وهذا سؤال تقرير وتوبيخ يقرِّرهم على قديم كفرهم، ومخالفة أسلافهم الأنبياء، ويخبرهم بما لا يُعلم إلا بوحي. وفي القرية خمسة أقوال «١» :


(١) قال الطبري في «تفسيره» ٦/ ٩٢: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هي قرية حاضرة البحر، وجائز أن تكون أيلة، وجائز أن تكون مدين، وجائز أن تكون مقنا. لأن كل ذلك حاضرة البحر. ولا خبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقطع العذر بأي ذلك من أي، والاختلاف فيه على ما وصفت. ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه، إلا بخبر يوجب العلم ولا خبر كذلك في ذلك. اه. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>