للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنها أيلة «١» ، رواه مُرّة عن ابن مسعود، وأبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، والسدي. والثاني: أنها مَدْيَن، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثالث: أنها ساحل مدين، روي عن قتادة. والرابع: أنها طبرية، قاله الزهري. والخامس: أنها قرية يقال لها: مقنا «٢» ، بين مدين وعينونا، قاله ابن زيد. ومعنى حاضِرَةَ الْبَحْرِ مجاورة البحر وبقربه وعلى شاطئه. إِذْ يَعْدُونَ قال الزجاج: أي يظلمون، يقال: عدا فلان يعدو عُدْواناً وعَداءً وعَدْواً وعُُدّواً: إذا ظلم، وموضع «إذ» نصب والمعنى: سلهم عن وقت عَدْوِهم في السبت. إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ في موضع نصب أيضاً ب «يَعْدُونَ» والمعنى: سلهم إذ عَدَوْا في وقت الإتيان. شُرَّعاً أي: ظاهرة. كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ أي: مثل هذا الاختبار الشديد نختبرهم بفسقهم. ويحتمل على بعد أن يكون المعنى وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كذلك، أي: لا تأتيهم شُرَّعاً ويكون نَبْلُوهُمْ مستأنفا. وقرأ الأعمش، وأبان، والمفضل عن عاصم: «يُسبِتون» بضم الياء.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٦٤]]

وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤)

قوله تعالى: وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ قال المفسرون: افترق أهل القرية ثلاث فرق فرقة صادت وأكلت، وفرقة نهت وزجرت، وفرقة أمسكت عن الصيد، وقالت للفرقة الناهية: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين، فقالت الفرقة الناهية: مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «معذرةُ» رفعاً، أي: موعظتُنا إياهم معذرةٌ، والمعنى أن الأمر بالمعروف واجب علينا، فعلينا موعظة هؤلاء عذراً إلى الله. وقرأ حفص عن عاصم: «معذرةً» نصباً، وذلك على معنى نعتذر معذرةً. وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي: وجائز أن ينتفعوا بالموعظة فيتركوا المعصية.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٦٥ الى ١٦٧]

فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (١٦٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧)

قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ يعني: تركوا ما وُعظوا به أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وهم الناهون عن المنكر. والذين ظلموا هم المعتدون في السبت.

قوله تعالى: بِعَذابٍ بَئِيسٍ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: «بئيس» على وزن فعيل، فالهمزة بين الباء والياء. وقرأ نافع: «بِيسٍ» بكسر الباء من غير همز. وقرأ ابن عامر كذلك، إلا


(١) أيلة: مدينة على ساحل القلزم مما يلي الشام، وقيل في آخر الحجاز وأول الشام «معجم البلدان» ١/ ٢٩٢.
(٢) مقنا قرب أيلة «معجم البلدان» ٥/ ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>