للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتاهم، فصلى فيه حسدهم إخوتهم بنو غَنْم بن عَوف، وكانوا من منافقي الأنصار، فقالوا: نبني مسجداً، ونرسل إلى رسول الله فيصلي فيه، ويصلي فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام وكان أبو عامر قد ترهَّب في الجاهلية وتنصَّر، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، عاداه، فخرج إلى الشام، وأرسل إلى المنافقين أن أعدّوا ما استطعتم من قوة وسلاح، وابنوا لي مسجداً، فاني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند الروم فأُخرج محمداً وأصحابه، فبنوا هذا المسجد إلى جنب مسجد قباء وكان الذين بنوه اثني عشر رجلاً: خِذام بن خالد ومِن داره أُخرج المسجد، ونَبْتَل بن الحارث، وبِجِاد بن عثمان، وثعلبة بن حاطب، ومُعتِّب بن قُشير، وعبَّاد بن حُنَيف، ووديعة بن ثابت، وأبو حبيبة بن الأزعر، وجارية بن عامر، وابناه يزيد ومُجمِّع وكان مُجمِّع إمامهم فيه، ثم صلحت حاله، وبحزج جد عبد الله بن حنيف، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أردتَ بما أرى» ؟ فقال: والله ما أردت إلا الحسنى، وهو كاذب.

وقال مقاتل: الذي حلف مُجمِّع.

(٧٥٥) وقيل: كانوا سبعة عشر فلمّا فرغوا منه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنما قد ابتنينا مسجداً لذي العلَّة والحاجة والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتينا فتصليَ فيه فدعا بقميصه ليلبسه، فنزل عليه القرآن وأخبره الله خبرهم، فدعا معن بن عدي، ومالك بن الدُّخشُم في آخرين، وقال: «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدموه وأحرِقوه» ، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتُخذ كُناسة تُلقى فيها الجيف.

ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً.

فأما التفسير، فقال الزجاج: «الذين» في موضع رفع، المعنى: ومنهم الذين اتخذوا مسجداً ضراراً. و «ضراراً» انتصب مفعولاً له، المعنى: اتخذوه للضرار والكفر والتفريق والإرصاد. فلما حذفت اللام، أفضى الفعل فنَصب. قال المفسرون: والضرار بمعنى المُضارّة لمسجد قباء، وَكُفْراً بالله ورسوله وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ لأنهم كانوا يصلُّون في مسجد قباء جميعاً، فأرادوا تفريق جماعتهم، والإرصاد: الانتظار، فانتظروا به مجيء أبي عامر، وهو الذي حارب الله ورسوله من قبل بناء مسجد الضرار. وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا أي: ما أردنا إِلَّا الْحُسْنى أي: ما أردنا بابتنائه إلا الحسنى وفيها ثلاثة أوجه: أحدها: طاعة الله. والثاني: الجنة. والثالث: فعل التي هي أحسن من إقامة الدين والاجتماع للصلاة. وقد ذكرنا اسم الحالف.


فالإسناد واه بمرة، ليس بشيء، وبنحو سياق المصنف أخرجه الطبري ١٧٢٠٠ من طريق ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة. وأخرج الطبري ١٧٢٠١ والبيهقي في الدلائل ٥/ ٢٦٢- ٢٦٣ عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بعضه وهو منقطع بين ابن عباس وعلي بن أبي طلحة.
أخرجه الطبري ١٧٢٠٠ من طريق ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا ... فذكره، بأتم منه. وهذا ضعيف، مداره على ابن إسحاق، وهو مدلس لكن أصل الحديث محفوظ فقد ورد من وجوه متعددة فمن ذلك: حديث ابن عباس، أخرجه الطبري ١٧٢٠١ وفيه إرسال بين علي بن أبي طلحة وابن عباس. وورد عن عطية العوفي عن ابن عباس، أخرجه برقم ١٨٢٠٢ وإسناده ضعيف لضعف عطية العوفي. وورد من مرسل قتادة أخرجه برقم ١٧٢١١. وورد من مرسل ابن زيد، أخرجه برقم ١٧٢١٣. فهذه الروايات تتأيد بمجموعها. انظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١٢١٢ بتخريجنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>