للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُلبست قِطَعاً قرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة: «قِطَعَاً» مفتوحة الطاء، وهي جمع قطعة. وقرأ ابن كثير، والكسائي، ويعقوب: «قِطْعاً» بتسكين الطاء. قال ابن قتيبة: وهو اسم ما قُطع. قال ابن جرير: وإِنما قال: «مُظلماً» ولم يقل: «مُظلمة» لأن المعنى: قطعاً من الليل المظلم، ثم حذفت الألف واللام من «المظلم» ، فلما صار نكرة، وهو من نعت الليل، نُصب على القَطْعِ وقوم يسمُّون ما كان كذلك: حالاً، وقوم: قطعاً.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩)

قوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً: قال ابن عباس: يُجمع الكفار وآلهتهم، ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ: أي: آلهتكم. قال الزجاج: «مكانكم» منصوب على الأمر، كأنهم قيل لهم:

انتظروا مكانكم حتى نفصل بينكم، والعرب تتوعَّد فتقول: مكانك، أي: انتظر مكانك، فهي كلمة جرت على الوعيد.

قوله تعالى: فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وقرأ ابن أبي عبلة: «فزايلنا» بألف، قال ابن عباس: فرَّقنا بينهم وبين آلهتهم. وقال ابن قتيبة: هو من زال يزول وأزلته. وقال ابن جرير: إِنما قال: «فزيلنا» ولم يقل: «فزلنا» لإرادة تكرير الفعل وتكثيره.

فإن قيل: كيف تقع الفرقة بينهم وهم معهم في النار، لقوله: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ؟ «١» . فالجواب: أن الفرقة وقعت بتبّري كل معبود ممن عبده، وهو قوله: وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ قال ابن عباس: آلهتهم، يُنْطِق الله الأوثان، فتقول: ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ أي: لا نعلم بعبادتكم لنا، لأنه ما كان فينا روح، فيقول العابدون: بلى قد عبدناكم! فتقول الآلهة: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ لا نعلم بها. قال الزجاج: إِنْ كُنَّا معناه: ما كنا إِلا غافلين.

فإن قيل: ما وجه دخول الباء في قوله: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً؟ فعنه جوابان:

أحدهما: أنها دخلت للمبالغة في المدح كما قالوا: أَظْرِفْ بعبد الله، وأنبل بعبد الرحمن، وناهيك بأخينا، وحسبك بصديقنا، هذا قول الفراء وأصحابه. والثاني: أنها دخلت توكيداً للكلام، إِذ سقوطها ممكن، كما يقال: خذ بالخطام، وخذ الخطام، قاله ابن الأنباري.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٣٠]]

هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)

قوله تعالى: هُنالِكَ تَبْلُوا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: «تبلو» بالباء. وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وزيد عن يعقوب: «تتلو» بالتاء. قال الزجاج: «هنالك» ظرف. والمعنى: في ذلك الوقت تبلو، وهو منصوب بتبلو، إِلا أنه غير متمكِّن، واللام زائدة، والأصل: هناك، وكسرت اللام لسكونها وسكون الألف، والكاف للمخاطبة. و «تبلو» تختبر، أي:


(١) سورة الأنبياء: ٩٨،

<<  <  ج: ص:  >  >>