للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة يونس (١٠) : آية ٤٠]]

وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (٤٠)

قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ في المشار إِليهم قولان: أحدهما: أنهم اليهود، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: قريش، قاله مقاتل بن سليمان. وفي هاء «به» قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى محمّد صلى الله عليه وسلم ودينه، قاله مقاتل. والثاني: إِلى القرآن، قاله أبو سليمان الدمشقي.

وهذه الآية تضمنت الإِخبار عما سبق في علم الله، فالمعنى: ومنهم مَنْ سيؤمن به. وقال الزجاج: منهم من يعلم أنه حق فيصدِّق به ويعاند فيظهر الكفر. وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ أي: يشكُّ ولا يصدِّق.

قوله تعالى: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ قال عطاء: يريد المكذبين، وهذا تهديد لهم.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٤١]]

وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٤١)

قوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي الآية. قال أبو صالح عن ابن عباس: نسختها آية السيف وليس هذا بصحيح، لأنه لا تنافي بين الآيتين.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٤٢]]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ (٤٢)

قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال: أحدها: في يهود المدينة، كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستمعون القرآن فيعجبون ويشتهونه ويغلب عليهم الشقاء، فنزلت هذه الآية «١» . والثاني: أنها نزلت في المستهزئين، كانوا يستمعون إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم للاستهزاء والتكذيب، فلم ينتفعوا، فنزلت فيهم هذه الآية «٢» ، والقولان مرويَّان عن ابن عباس. والثالث: أنها نزلت في مشركي قريش «٣» ، قاله مقاتل.

قال الزجاج: ظاهرهم ظاهر من يستمع، وهم لشدة عداوتهم بمنزلة الصم. وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ أي: ولو كانوا مع ذلك جهالاً. وقال ابن عباس: يريد أنهم شرٌّ من الصم، لأن الصم لهم عقول وقلوب، وهؤلاء قد أصمّ الله قلوبهم.

[[سورة يونس (١٠) : آية ٤٣]]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (٤٣)

قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ قال ابن عباس يريد: متعجبين منك. أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ يريد أن الله أعمى قلوبهم فلا يبصرون. وقال الزجاج: ومنهم من يُقبل عليك بالنظر، وهو من بغضه لك وكراهته لما يرى من آياتك كالأعمى. وقال ابن جرير: ومنهم من يستمع قولك وينظر إلى


(١) عزاه المصنف لابن عباس، ولم أره مسندا عنه، والظاهر أنه من رواية الكلبي عن أبي صالح عنه، وهي رواية ساقطة، وتقدم بيان ذلك مرارا.
(٢) لم أقف عليه كسابقه.
(٣) عزاه المصنف لمقاتل، وهو متهم بالكذب، ومع ذلك ظاهر الآيات يدل على أن المراد بذلك كفار قريش، لأن السورة مكية، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>