للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله عزّ وجلّ» قالوا: يا رسول الله. مَنْ هم، وما أعمالهم لعلنا نحبُّهم؟ قال: «هم قوم تحابّوا بروح الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فو الله إِن وجوههم لنور، وإِنهم لعلى منابر من نور، ولا يخافون إذا خاف النّاس ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.

قوله تعالى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

فيها ثلاثة أقوال:

(٧٨٤) أحدها: أنها الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح، أو ترى له، رواه عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.


حديث حسن غريب، ورد عن عبادة وأبي الدرداء وأبي هريرة وغيرهم.
- حديث عبادة بن الصامت: أخرجه الترمذي ٢٢٧٥ وابن ماجة ٣٨٩٨ وأحمد ٥/ ٣١٥ والطبري ١٧٧٣٣ و ١٧٧٣٤ و ١٧٧٣٥ و ١٧٧٤٦ و ١٧٧٥٥ والحاكم ٢/ ٣٤٠ والواحدي في «الوسيط» ٢/ ٥٥٣ من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبادة، ورجاله ثقات رجال البخاري ومسلم، إن كان أبو سلمة سمعه من عبادة، والظاهر أنه لم يسمعه، فإن يحيى بن أبي كثير يدلس ويرسل، فقد أخرجه الطبري ١٧٧٣٦ من وجه آخر عن أبي سلمة قال: نبئت أن عبادة ... فذكره. ومع ذلك صححه الحاكم! ووافقه الذهبي! وحسنه الترمذي! مع أن في روايته قول أبي سلمة «نبئت» أي لم يسمعه من عبادة. وورد من وجه آخر أخرجه الطبري ١٧٧٤٠ و ١٧٧٧١ عن حميد بن عبد الله المدني عن عبادة به، وإسناده ضعيف لجهالة حميد هذا. ووثقه ابن حبان وحده على قاعدته في توثيق المجاهيل.
- حديث أبي الدرداء: أخرجه الترمذي ٢٢٧٣ والطبري ١٧٧٣٧ و ١٧٧٣٨ و ١٧٧٣٩ و ١٧٧٤٩ و ١٧٧٥٢ والبيهقي في «الشعب» ٤٧٥٣ من طرق: عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء. «وإسناده ضعيف» فيه راو لم يسم. وحسنه الترمذي، ولعله حسنه لطرقه وشواهده. وأخرجه الطبري ١٧٧٣٢ و ١٧٧٤٨ من وجه آخر عن أبي صالح عن رجل عن أبي الدرداء به مختصرا. وكرره الطبري ١٧٧٥٠ عن أبي صالح عن أبي الدرداء، دون ذكر الرجل وهو منقطع. وكرره ١٧٧٥١ عن عطاء عن أبي الدرداء، دون ذكر الرجل أيضا.
وهو منقطع. وكرره ١٧٧٥٣ عن عمر بن دينار عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء وهذا ضعيف لجهالة المصري هذا.
- حديث أبي هريرة: أخرجه الطبري ١٧٧٤١ و ١٧٧٤٣، ورجاله ثقات، لكن كرره الطبري ١٧٧٤٢ عن أبي هريرة قوله.
- وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أخرجه أحمد ٢/ ٢١٩. والطبري ١٧٧٤٤ و ١٧٧٦٩.
والبيهقي ٤٧٥٧ وإسناده ضعيف، لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم. وله شاهد، أخرجه الطبري ١٧٧٥٧.
من طريق نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به، وجهالة الصحابي لا تضر، لكن فيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلس.
الخلاصة: هو حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده ولم أقل إنه صحيح بسبب غرابة المتن، إذ البشرى في الآية تدل على أنها أعم من الرؤيا الصالحة. بل الصواب أن الرؤيا هي من البشرى. أي بعض البشرى.
- وقد ذكر الألباني هذا الحديث في «الصحيحة» ١٧٨٦ ولم يستوف الكلام عليه كعادته، بل اختصره ووقع له شيء، وهو أنه عزاه للطبري ١١/ ٩٥ من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي صالح قال: سمعت أبا الدرداء ...
فذكره. وقال الألباني عقبه: وهذا إسناد حسن.
- قلت: وليس كما قال! والصواب أن أبا صالح لم يسمعه من أبي الدرداء والوهم في لفظ «سمعت» إما من عاصم، فإنه صدوق لكنه يخطئ أو ممن دونه. فقد كرره الطبري من عدة طرق عن أبي صالح عن عطاء بن يسار عن رجل من أهل مصر. وتقدم ذكر هذه الروايات. حتى عطاء لم يسمعه من أبي الدرداء. بدليل ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>