للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميم، وإِمالة الراء بعدها ألف، «ومرساها» برفع الميم، وإِمالة السين بعدها ألف. وقرأ أبو رزين، وأبو المتوكّل: «مجراها» بفتح الميم والراء، وبألف بعدها، ومرساها، برفع الميم وفتح السين، وبألف بعدها. وقرأ أبو الجوزاء، وابن يعمر: «مَجراها ومَرساها» بفتح الميم فيهما جميعاً، وفتح الراء والسين، وبألف بعدهما. وقرأ يحيى بن وثاب بفتح الميمين، إِلا أنه أمال الراء والسين فيهما. وقرأ أبو عمران الجوني، وابن جبير، برفع الميم فيهما، وفتح الراء والسين، وبألف بعدهما جميعاً. فمن قرأ بضم الميمين، جعله من أجرى وأرسى. ومن فتحهما، جعله مصدراً من جرى الشيء يجري مَجرى، ورسى يرسي مَرسى. قال الزّجّاج: قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ أي: بالله، والمعنى: أنه أمرهم أن يسمُّوا في وقت جريها ووقت استقرارها. ومن قرأ بضم الميمين، فالمعنى: بالله إِجراؤها، وبالله إرساؤها. ومن فتحهما، فالمعنى: بالله يكون جريها، وبالله يقع إِرساؤها، أي: إِقرارها. وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول: من ضم الميم في «مُجراها» أراد: أجراها اللهُ مجرىً، ومن فتحها، أراد: جرت مَجرى. وقال الضحاك: كان إِذا أراد أن تجري، قال: بسم الله، فجرت. وإذا أراد أن ترسي، قال:

بسم الله، فرست.

[سورة هود (١١) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢) قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (٤٣)

قوله تعالى: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ شبهه بالجبال في عِظَمه وارتفاعه، ويقال: إِن الماء أرتفع على أطول جبل في الأرض أربعين ذراعاً، ويروي خمس عشرة ذراعاً. وذكر بعض المفسرين أنه ارتفع نحو السماء سبعين فرسخاً من الأرض. قوله تعالى: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ لا يختلفون أنه كان كافراً. وفي اسمه قولان «١» : أحدهما: كنعان، وهو قول الأكثرين. والثاني: اسمه يام، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عبيد بن عمير، وابن إِسحاق.

قوله تعالى: وَكانَ فِي مَعْزِلٍ المعزل: المكان المنقطع. ومعنى العزل: التنحية.

وفي معنى الكلام وجهان ذكرهما الزجاج:

أحدهما: في معزل من السفينة. والثاني: في معزل من دين أبيه.

قوله تعالى: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ «يا بني اركب» مضافة، بكسر الياء. وروى أبو بكر عن عاصم «يا بني» مفتوحة الياء هاهنا، وباقي القرآن مكسورة. وروى حفص عنه بالفتح في كلّ القرآن «يا بنيّ» إِذا كان واحداً. قال النحويون: الأصل في «بُنيّ» ثلاث ياءات، ياء التصغير، وياء بعدها هي لام الفعل، وياء بعد لام الفعل هي ياء الإضافة. فمن قرأ «يا بني» أراد: يا بنيي، فحذف ياء الاضافة، وترك الكسرة تدل عليها، كما


(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» : ٧/ ٥٥٠ هذا هو الابن الرابع واسمه يام، وكان كافرا.
- قلت: مستند تسميته أخبار الأقدمين، وهي غير حجة، وإنما يستأنس بها فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>