للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابدا وَأَشْهِدُوا ايها المؤمنون عند اختيار الرجعة او بالفرقة ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ قطعا لعرق الخصومة والنزاع وبعدا عن التهمة وَأَقِيمُوا ايها الشهود الشَّهادَةَ الموكولة لكم لِلَّهِ طلبا لمرضاته سبحانه وحافظوا عليها كي تؤدوها لدى الحاجة ذلِكُمْ الذي سمعتم من محافظة الحدود واقامة الشهادة لحفظ الحقوق وبالعهود من جملة المواعظ والتذكيرات التي قد وضعها الحق بمقتضى حكمته المتقنة بين عباده ليحافظوا بها على آداب العبودية وانما يُوعَظُ ويتذكر بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ويوقن بوحدة ذاته ويصدق برسله المبعوثين من عنده المؤيدين من لدنه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ المعد لتنقيد الأعمال وترتيب الجزاء عليها فان غير هؤلاء السعداء الأمناء هم التائهون في تيه الضلال بأنواع الوزر والوبال وهم لا يتعظون بها وبأمثالها وَبالجملة مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ويتحفظ نفسه عن قهره وغضبه ويحافظ على رعاية حدوده الموضوعة من لدنه لحفظ حقوق عباده سيما حقوق الزوجية والائتلاف من كلا الطرفين ويتوكل عليه في عموم أحواله ويفوض أموره كلها اليه يَجْعَلْ لَهُ سبحانه مَخْرَجاً عن مضيق الإمكان المورث لانواع الخذلان والخسران

وَيَرْزُقْهُ ويسق اليه جميع حوائجه المحتاج إليها في معاش عياله مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ اى من مكان لا يترقبه ولا ينتظره وَكيف لا مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ مخلصا له مفوضا اليه امره فَهُوَ سبحانه حَسْبُهُ كافيه يكفيه جميع المؤنة المحتاج إليها في النشأة الاولى والاخرى وكيف لا إِنَّ اللَّهَ القادر المقتدر على عموم المقادير بالِغُ أَمْرِهِ بعد ما فوض اليه سبحانه بالإخلاص والتسليم الى ما قد قدر الله له في حضرة علمه ولوح قضائه إذ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ القدير الحكيم لِكُلِّ شَيْءٍ من الأشياء الظاهرة حسب اظلال الأسماء والصفات الإلهية قَدْراً اى مقدارا معينا من الكمال في عموم أفعاله على مقتضى الاستعداد الفطري والقابليات الجبلية هذه المذكورات من الحدود والآداب في طلاق ذوات الأقراء من المعتدات

وَاللَّائِي يَئِسْنَ وقنطن مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ لكبرهن إِنِ ارْتَبْتُمْ اى شككتم وترددتم في تعيين عدتهن فَعِدَّتُهُنَّ بعد ما طلقتموهن ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ اى مضيها. روى انه لما نزلت والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلثة قروء قيل فما عدة النساء اللاتي يئسن من المحيض فنزلت وَكذا ايضا مضى ثلاثة أشهر عدة النساء اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ بعد لصغر سنهن او لمرض وَأُولاتُ الْأَحْمالِ من المطلقات أَجَلُهُنَّ ومنتهى عدتهن أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ سواء كان الوضع بعد الفرقة بزمان كثير او قليل وهذا الحكم متناول للمطلقة والمتوفى عنها زوجها وانما لم يعين الشارع لاولات الأحمال حدا معينا من اقراء او أشهر لان المقصود الأصلي من التزام المدة والعدة حفظ الماء واستبراء الرحم لئلا ينجر في خلط النسب وبالوضع يحصل المقصود على الوجه الأتم ولهذا لم يحد لهن سوى الوضع وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ويحفظ نفسه عن سخطه وطلق امرأته على الوجه المسنون ولم يركن الى الطلاق البدعى أصلا يَجْعَلْ لَهُ سبحانه مِنْ أَمْرِهِ الذي هو فراق زوجته يُسْراً اى يسهل عليه التزوج الآخر ويحسنها له ويحبله عليها

ذلِكَ المذكور من الاحكام أَمْرُ اللَّهِ العليم الحكيم قد أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ايها المكلفون يصلح به مفاسدكم المتعلقة بأمر الطلاق وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ المنتقم الغيور ولم يتجاوز عن مقتضى امره المبرم وحكمه المحكم يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ بتغليب حسناته عليها وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً بتضعيف حسناته أضعافا كثيرة

أَسْكِنُوهُنَّ اى المطلقات

<<  <  ج: ص:  >  >>