للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السموات والأرض فتعبروا منها الى مبدعها العليم الحكيم وَالْأَفْئِدَةَ لتتفطنوا بها الى عجائب حكمته وبدائع قدرته كي تنكشفوا بوحدته وتتشرفوا بوصلته لكن قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ اى الشاكرون الصارفون هذه النعم العظام الى ما خلقت لأجله قليلون في غاية القلة

قُلْ يا أكمل الرسل لمن أنكر قدرتنا على الحشر والنشر والحساب والجزاء وعلى جميع الأمور الواقعة في النشأة الاخرى هُوَ سبحانه العزيز الغالب ذو القدرة والاختيار الَّذِي ذَرَأَكُمْ اى بثكم وبسطكم بمقتضى قدرته فِي الْأَرْضِ التي هي محل الكون والفساد وكلفكم بالإيمان والأعمال واختبركم بالأوامر والنواهي وَكما أبدعكم أولا بامتداد اظلاله ورشّ انواره على مرآة العدم اعادكم ايضا بقبض اظلاله وانواره الى ذاته فثبت انكم إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ للجزاء فيجازيكم بمقتضى ما اقترفتم من المأمورات الإلهية

وَيَقُولُونَ من كمال استبعادهم مَتى هذَا الْوَعْدُ الموعود الذي قد وعدتم بالجزاء والحساب والثواب والعقاب فيه أخبرونا عن وقوعه في أى زمان وآن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنون النبي صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما ألحوا عليك والجأوك الى التعيين إِنَّمَا الْعِلْمُ المتعلق بتعيين وقته عِنْدَ اللَّهِ لا يطلع عليه احد من خلقه وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ بمقتضى الوعيد الإلهي مُبِينٌ مظهر مبلغ ما يوحى الى من عنده سبحانه على وجهه لا طريق لعلمي بوقوع الموعود سوى الوحى ولم يوح الى في تعيينه فأتكلم عنه فعليكم ان لا تستعجلوا وقوعه وبعد ما تحقق قرب وقوعه وحل وقته

فَلَمَّا رَأَوْهُ اى العذاب الموعود في الآخرة زُلْفَةً قريبا منهم سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى اسودت وقبحت من شدة الكآبة والحزن المفرط وَقِيلَ لهم حينئذ من قبل الحق هذَا العذاب هو العذاب الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ تتطلبون وتستعجلون وقوعه مراء واستهزاء على وجه التهكم فالآن يلحقكم ما تنكرون منه فيما مضى

قُلْ يا أكمل الرسل لمشركي مكة بعد ما تطيروا بحياتك وتمنوا بموتك وموت من معك من المؤمنين ليتخلصوا منكم ومن شروركم على زعمهم أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ العليم الحكيم حسب قهره وجلاله وَأهلك ايضا مَنْ مَعِيَ من المؤمنين أَوْ رَحِمَنا سبحانه بان أخر آجالنا بمقتضى لطفه وجماله ونحن مؤمنون مخلصون له مقرون بوحدته وبانه الفاعل على الإطلاق بكمال الاختيار والاستحقاق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فَمَنْ يُجِيرُ وينقذ الْكافِرِينَ المنكرين الله وارادته واختياره وألوهيته وربوبيته مطلقا مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ نازل عليهم من لدنه سبحانه بشؤم ما اقترفوا من الكفر والعصيان وانواع الفسوق والطغيان

قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما قد تمادى نزاعهم وتطاول جدالهم ولم تنفعهم الدعوة والتبليغ كلاما خاليا عن وصمة الجدال والمراء منبعثا عن محض الحكمة والمصلحة هُوَ الرَّحْمنُ المستعان المستوي على عروش عموم الأكوان بكمال الاستيلاء والاستحقاق قد آمَنَّا بِهِ مخلصين مستوثقين بحبل كرمه وجوده وَعَلَيْهِ لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية تَوَكَّلْنا وفوضنا أمورنا كلها اليه بالعزيمة الصادقة الخالصة واتخذناه وكيلا واعتقدناه حسيبا وكفيلا فَسَتَعْلَمُونَ ايها المفسدون المسرفون مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أنحن أم أنتم

قُلْ يا أكمل الرسل للمنكرين بوجود الصانع الحكيم على سبيل التبكيت والإلزام أَرَأَيْتُمْ أخبروني ايها المسرفون المكابرون إِنْ أَصْبَحَ وصار ماؤُكُمْ غَوْراً غائرا عميقا الى حيث لا يصل اليه السجال والدلاء بحبال طوال وحيل فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>