للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على وجه التجدد والتتابع والاختلاف طولا وقصرا وإيلاج بعض أجزاء كل منهما في الآخر وإخراجه منه وضبط اجزائهما وساعاتهما وآناتهما انما هي بعلمه لا يعلم غيره من المظاهر والمصنوعات وبالجملة هو سبحانه عَلِمَ بعلمه المحيط منكم ومن استعداداتكم إِنَّ اى انه لَنْ تُحْصُوهُ يعنى ليس في وسعكم وطاقتكم تقدير الأوقات وضبط الأحيان والساعات وإحصاء الآنات الواقعة في الليل والنهار وقيامكم في جميع الليل او بعضه على وجه التعيين والتخصيص وبعد ما ظهر عنده سبحانه عدم وسعكم وطاقتكم فَتابَ عَلَيْكُمْ اى خفف سبحانه عما ألزمكم وأزال عنكم تعبكم بالرخصة في ترك القيام المقدر المعين على الوجوه المذكورة إذ لا يسعكم ضبطها وبعد ما رخصكم سبحانه وخفف عنكم تفضلا عليكم وامتنانا قوموا في خلال الليل مقدار ما ييسر الله لكم ويوفقكم عليه ولو مقدار حلبة غنم على ما ورد في الحديث صلوات الله على قائله فَاقْرَؤُا اى صلوا تهجدكم بقراءة ما تَيَسَّرَ لكم مِنَ الْقُرْآنِ المقرون بصلاتكم قيل كان التهجد واجبا على التخيير المذكور ثم رخص بترك التقدير والتعيين ثم نسخ هذا ايضا بالصلاة الخمس المفروضة المقدرة في الأوقات الخمسة وانما نسخه إذ عَلِمَ سبحانه بمقتضى حضرة علمه وحكمته إِنَّ اى انه سَيَكُونُ بعض مِنْكُمْ مَرْضى من السهر المفرط إذ الأبدان متفاوتة في تحمل المتاعب والمشاق سيما ترك النوم المعد للاسترخاء واستراحة البدن في الليل وَايضا قوم آخَرُونَ منكم يَضْرِبُونَ ويسافرون فِي الْأَرْضِ سفرا مباحا حيث يَبْتَغُونَ ويطلبون بسفرهم مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ومن سعة جوده وكرمه مزيد رزق صورى او معنوي او طلب علم رسمي او حقيقى او صلة رحم او زيارة صديق الى غير ذلك من الاسفار المشروعة المباحة فيتحرجون بقيام الليل والتهجد فيه وَآخَرُونَ ايضا يُقاتِلُونَ لأعداء الله فِي سَبِيلِ اللَّهِ ترويجا لدينه وإعلاء لكلمة توحيده فإنهم لو تهجدوا لضعفوا البتة فشق عليهم حينئذ امر القتال وبعد ما أزال سبحانه عنكم حرجكم وتعبكم حسب حكمته المتقنة البالغة فعليكم ان لا تتركوا التهجد رأسا ولا تنسوه جملة بل قوموا في خلال الليل للتهجد ان استطعتم فَاقْرَؤُا في صلاته ما تَيَسَّرَ لكم مِنْهُ اى من القرآن وَبالجملة أَقِيمُوا الصَّلاةَ المفروضة وواظبوا على قيامها وأدائها حق المواظبة في الأوقات المخصوصة وراعوا أركانها وأبعاضها وهيآتها على وجوهها وبالجملة أدوها على وجه يرضى عنكم مولاكم ولا تهاونوا عنها ولا تقصروا فيها واعلموا ايها المؤمنون ان الفارق بين الايمان والكفر والهداية والضلال انما هي الصلاة التي هي أقوى اعمدة الدين وأقومها وَايضا آتُوا الزَّكاةَ المفروضة عليكم على سبيل الوجوب تزكية لأنفسكم عن الشح والإمساك وأموالكم عن الفضلات وتمرينا لأنفسكم على الانفاق وفعل الخيرات وَبعد أداء الواجب من الزكاة أَقْرِضُوا اللَّهَ القادر المقتدر على وجوه الإنعامات بإعطاء فواضل أموالكم على سبيل الصدقات للفقراء والمساكين واصرفوها على بناء المساجد والرباطات وغير ذلك من الخيرات والمبرات المتعلقة بمصالح المؤمنين المسلمين من المنافع الحاصلة بالمال قَرْضاً حَسَناً بلا شوب المن والأذى والسمعة والرياء والعجب وانواع الهوى والأهواء وَاعلموا ايها المؤمنون ان ما تُقَدِّمُوا وتؤخروا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ موجب لأجر مستلزم لثواب سواء كان ماليا او بدنيا قبل حلول الأجل وهجوم الموت تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ المتفضل المنعم هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وأكرم محلا وأعز درجة ومنزلا

<<  <  ج: ص:  >  >>