للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى جنبه حزينا فقال الوليد مالي أراك حزينا يا ابن أخي فقال هذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك يزعمون انك زينت كلام محمد لتنال من فضل طعامه فغضب وقال الم تعلم قريش انى أكثرهم مالا وولدا وهل يشبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل ثم قام مع ابى جهل حتى اتى قومه فقال تزعمون ان محمدا مجنون فهل رأيتموه يتجنن قط قالوا اللهم لا ثم قال تزعمون انه شاعر فهل رأيتموه ينطق بالشعر قط قالوا اللهم لا ثم قال تزعمون انه كاهن فهل رأيتموه يتكهن قط قالوا اللهم لا قال تزعمون انه كذاب فهل جربتم عليه شيأ من الكذب قالوا اللهم لا ثم سكت قالت قريش فما هو فتفكر في نفسه وقدر في نحوه ثم قدر فقال ما هو الا ساحر اما رأيتموه يفرق بين المرء واهله وولده ومواليه وما يقوله مفتريا على ربه ليس الا سحر يؤثر فقال تعالى زجرا عليه وجزاء له

سَأُصْلِيهِ وادخله سَقَرَ

وَما أَدْراكَ وأعلمك يا أكمل الرسل ما سَقَرُ وما شأنها وأمرها ابهمها سبحانه تفخيما وتهويلا وغاية ما يدرك من شأنها انها

لا تُبْقِي شيأ يقع فيها بل تمحيه وتهلكه وَمع افنائه وإهلاكه لا تَذَرُ ولا تتركه على هلاكه وفنائه بل يوجده الله بكمال قدرته ثم تهلكه ثم يوجده فتهلكه ابدا كذلك وسرمدا هكذا ومن شأنها ايضا انها

لَوَّاحَةٌ مسودة من شدة إحراقها لِلْبَشَرِ اى البشرة التي هي عبارة عن ظاهر الجلد وايضا من شأنها ان قد وكل سبحانه

عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ اى من الزبانية الموكلة عليها باذن الله وهم من الملائكة او شبيهة بهم انما اختص هذا العدد لان الأعمال الفاسدة والأفعال القبيحة الموجبة لدخول سقر انما تكتسب بالقوى البهيمية والقوى الطبيعية اما القوى البهيمية فاثنتا عشرة الشهوية والغضبية والحواس الظاهرة والباطنة واما القوى الطبيعية فسبع الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة وبالجملة يصور سقر من مقتضيات هذه القوى لذلك يوكل عليها من زواجر الزبانية على عدد مأخذها عدلا منه سبحانه لينزجر كل من القوى بزاجر يناسبها وبعد ما نزلت هذه الآية قال ابو جهل لقريش ثكلتكم أمهاتكم يخبر ابن ابى كبشة ان خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم اى الجمع الشجعان أيعجز كل عشرة ان يبطش بواحد منهم وبعد ما قالوا على سبيل التهكم والاستهزاء انزل سبحانه

وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ وخزنتها إِلَّا مَلائِكَةً أقوياء قوتهم لا تقاس بقوى البشر بل لا يقاوم جميع من على الأرض من افراد البشر بواحد من الملك في القوة والصولة وَايضا ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ هذه وعددهم هذا إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اختبارا وابتلاء وبسبب افتتان لهم يفتنون بهذا العدد تارة يستقلون وتارة يستبعدون ويتعجبون من مقاومة هؤلاء المعدودين لعموم العباد المستحقين لدخول سقر من الثقلين وبالجملة يستهزؤن بهذا القول ويضحكون منه وانما أنزلنا هذه الآية وخصصنا هذا العدد وهؤلاء المعدودين لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى ليكتسبوا اليقين ويجزموا بنبوة محمد عليه السلام وبصدق القرآن وحقيته وهذا ليس ببدع منا في كتابنا هذا بل قد أنزلنا كذلك في سائر الكتب المنزلة من عندنا وبعد ما وجدوه اى عموم اهل الكتاب موافقا لما في كتبهم تيقنوا البتة بصدق القرآن وبنبوة النبي صلّى الله عليه وسلم وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وتصديقا على ايمانهم وتصديقهم اى يرسخ ايمانهم ويتأكد بتصديق اهل الكتاب كتابهم ونبيهم وَبعد ما استيقنوا واستقاموا على اليقين وتمكنوا فيه لا يَرْتابَ ولا يشك الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ جميعا في حقية هذا الكتاب وهذا النبي المؤيد به وَايضا انما خصصنا هذا العدد في الموكلين على سقر لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وشك في حقية هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>