للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابدية لأرباب العناية بقولها سل ايها الطالب الحائر في بيداء الطلب سبيلا الى الوحدة الحقيقية الحقية واسترح عندها

وَايضا يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ثانيا وتصحيبا وِلْدانٌ حسان صباح ملاح مصورون من أعمالهم وأحوالهم مُخَلَّدُونَ دائمون مستمرون على صباحتهم وملاحتهم بحيث إِذا رَأَيْتَهُمْ ايها المعتبر الرائي حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً من صفاء ألوانهم وبهاء هياكلهم واشكالهم وصباحة خدهم ورشاقة قدهم ومن انعكاس اشعة وجوههم ومن كمال اللطافة والطراوة والصفاء المفرط نهاية النظافة

وَبالجملة إِذا رَأَيْتَ ايها الفطن الرائي ثَمَّ اى في الجنة المذكورة الموعودة رَأَيْتَ وما أدراك ما رأيت رأيت نَعِيماً وأى نعيم نعيما لا يكتنه غوره وطوره وَمُلْكاً وأى ملك ملكا عظيما كَبِيراً وسيعا فسيحا لا يدرك وسعته وقدره ولا يكتنه طوره وغوره ومع ذلك

عالِيَهُمْ اى يعلو عليهم ويحيط بهم فيها تعظيما لهم وتكريما ثِيابُ سُندُسٍ هو رقيق من الديباج خُضْرٌ على لون الحياة إذ حياتهم فيها سرمدية وَإِسْتَبْرَقٌ هو غليظ منه كذلك وَهم قد حُلُّوا فيها أَساوِرَ اى زينوا بأساور متخذة مِنْ فِضَّةٍ صافية عن الغش بصفاء عقائدهم عنه تتميما لتنعمهم وَبالجملة قد سَقاهُمْ رَبُّهُمْ بعد ما تمكنوا في مقعد الصدق عند المليك المقتدر شَراباً من كأس المحبة ورحيق التوحيد والتحقيق طَهُوراً خاليا خالصا عن شوب الثنوية وشين الكثرة مطلقا وبعد ما شربوا منه جرعة سكروا سرمدا ولم يصحوا ابدا ثم قيل لهم من قبل الحق

إِنَّ هذا الذي قد فزتم به الآن قد كانَ لَكُمْ جَزاءً موعودا معهودا في مقابلة أعمالكم وأخلاقكم وأحوالكم ومواجيدكم ومعارفكم التي أنتم عليها في النشأة الاولى وَبالجملة قد كانَ سَعْيُكُمْ الذي كنتم عليه في عالم الناسوت مَشْكُوراً مجازا عليه غير مضيع بل مع زيادات تفضلا وامتنانا عليكم. ثم لما جمع سبحانه جميع الفضائل والكمالات الانسانية وعموم المعارف والمشاهدات والمكاشفات اللدنية في المرتبة الجامعة الختمية الخاتمية المحمدية المحيطة المشتملة على عموم المراتب والمناصب العلية خاطبه سبحانه خطاب رحمة وامتنان على سبيل التعطف فقال

إِنَّا بمقتضى فضلنا وجودنا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ يا أكمل الرسل تأييدا لأمرك وتعظيما لشأنك الْقُرْآنَ الحاوي لعموم ما في الكتب السالفة من الأوامر والنواهي ومطلق الحكم والاحكام والحقائق والمعارف الموردة فيها المحتوى لجميع الكمالات اللائقة بسائر الأنبياء والرسل المجتازين في سبيل التوحيد تَنْزِيلًا مفرقا منجما على مقتضى الحكمة المتقنة البالغة الباعثة على انزاله حسب طاقتك اليه وانكشافك بما فيه لتتدرج أنت في سلوكك وشهودك وبعد ما سمعت من الكرامة والتعظيم

فَاصْبِرْ يا أكمل الرسل لِحُكْمِ رَبِّكَ ولا تستعجل في غلبتك وظهورك على عموم أعدائك من جنود اهل التقليد والضلال سيما كفار مكة خذلهم الله وَبعد ما قد كوشفت بحقية الحق وبوحدته واستقلاله في الوجود ومطلق الآثار لا تُطِعْ مِنْهُمْ اى من اهل التقليد واصحاب الضلال أحدا سواء كان آثِماً متناهيا في الفسوق والعصيان حيث ينتهى إثمه الى الشرك أَوْ كَفُوراً لنعم الله مبالغا في كفران نعمه ونسيان كرمه حيث ينتهى كفرانه الى الكفر. أعاذنا الله وعموم عباده منهما

وَبعد ما تحققت يا أكمل الرسل تمام الكشف والشهود اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اى في عموم أوقاتك وحالاتك وداوم على ذلك دائما مستمرا

وَعليك ان تتخذ مِنَ اللَّيْلِ الموضوع للخلوة مع الله ودوام المراقبة والحضور معه

<<  <  ج: ص:  >  >>